وفي تفسير العياشي في قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : «إنّ الله إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء ، وفتح مسامع قلبه ، ووكل به ملكا يسدده ، وإذا أراد الله بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء وسدّ مسامع قلبه ، ووكل به شيطانا يضلّه ، ثمّ تلا هذه الآية : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) ـ الآية ، وقال : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) ، وقال : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ).
أقول : الروايات في مضمون ذلك كثيرة ، وهي تبيّن كيفيّة توفيق الله عبده الذي لا بدّ له من الاستعداد والقابلية الحاصلتين من عمل العبد وكسبه.
وفي الكافي : عن عمّار بن مروان قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الغلول ، فقال : كلّ شيء غل من الإمام فهو سحت ، وأكل مال اليتيم وشبهه سحت ، وللسحت أنواع كثيرة ، منها أجور الفواجر وثمن الخمر. والنبيذ المسكر ، والربا بعد البينة ، فأما الرشا في الحكم ، فإنّ ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله صلىاللهعليهوآله».
وفيه : أيضا عن السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «السحت ثمن الميتة وثمن الكلب ، وثمن الخمر ، ومهر البغي ، والرشوة في الحكم ، وأجر الكاهن».
أقول : الروايات في مضمون ذلك كثيرة من الخاصّة والعامّة وإن اختلفت في السعة والضيق ، وهي تدلّ على أنّ المراد من السحت مطلق الحرام ، ومن ذلك يعرف أنّ اختصاص بعض روايات السحت بالرشا في الحكم إنّما هو لأجل الأهميّة وبيان فظاعة الأمر فيه.
وفي الدرّ المنثور عن ابن عباس في قوله تعالى : (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) ، قال : نسختها هذه الآية : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ).
أقول : روى قريبا منه النحاس في ناسخه ، والطبراني والحاكم ـ وصحّحه ـ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أيضا ، وتقدّم في التفسير أنّه لا منافاة بين الآيتين ، لا لأجل نزولهما دفعة واحدة ، فلا معنى للنسخ حينئذ ، فإنّ ذلك لا