لا أن يكونا متغايرين ، وهو دعوى بلا دليل.
والثالث : في مقابل جعل الحجية ، لا أن يكون عينها ، ولا يقول به أحد.
الثاني : أن الواقعيات إنشائيات محضة ، ومفاد الأمارات فعليات صرفة ، فتختلفان بالمرتبة ، فينتفي موضوع شبهة جمع المثلية والضدية.
ويرد عليه : أن الإنشاء إن كان بلا داع فهو قبيح بالنسبة إلى الشارع ، وإن كان بداع آخر غير الفعلية فلا يصير فعليا وإن وافقه مفاد الأمارة. وإن كان بداعي أن يصير فعليا ، فهو عين الفعلية ، فلا يتصور معنى معقول للإنشائية ، فلا يكون الحكم إلا فعليا من طرف الشارع ، وهو الجعل بداعي أن يصير فعليا عند تحقق الشرائط وفقد الموانع في المكلف. وإن أراد بالإنشائية الفعلية من طرف الشارع ، وبالفعلية : الفعلية من طرف المكلف فله وجه ، ولكنه خلاف ظاهر كلامه ، فراجع.
الثالث : أن المجعول في مورد الأمارات جعل في ظرف الجهل بالواقعيات ، فتتأخر رتبته عنها ، فتدفع الشبهة باختلاف الرتبة.
ويرد عليه : أن مفاد الأمارات وإن كان في ظرف الجهل بالواقع فيتأخر رتبة عنه ، لكن الواقعيات غير مقيدة بالعلم والجهل ، فتعم مورد مفاد الأمارات وغيرها ، فيجيء المحذور حينئذ.
الرابع : أن المجعول في مورد الأمارات عنوان الحكم المجعول بداعي الطريقية المحضة إلى الواقع ، لا أن يكون حكما حقيقيا في عرض الواقع بحيث يكون له موافقة ومخالفة مستقلة في مقابل الواقع.
ويرد عليه : أنه حسن ثبوتا ، ولكنه لا دليل عليه إثباتا مع إمكان دفع الإشكال بوجه أحسن آخر ، كما مرّ.
ومن ذلك كله يظهر الأمر في الاصول العملية ، إذ الاستصحاب ليس إلا متمم دلالة الدليل وإسراء حكم اليقين إلى ظرف الشك ، فلا استقلال فيه بوجه