الأئمة عليهمالسلام كان على إيداع جملة من الأحكام الواقعية عند خواص الأصحاب ، وهم أودعوها عند الطبقة اللاحقة لهم فوصلت إلى طبقة الغيبة الكبرى فصارت مجمعا عليها من دون ذكر نفس المدرك بالخصوص ، وهذا وجه حسن متين يصلح أن يكون مدركا لاعتبار الشهرة أيضا ، لكنه يختص بما إذا لم يكن في البين مدرك يصح الاستناد إليه ، وهو قليل جدا ، كما لا يخفى.
السادس : لأجل كونه كاشفا عن قاعدة معتبرة عقلائية أو شرعية ، قال صاحب الجواهر قدسسره في صلاة القضاء من كتابه : «والذي يقوى في ظني أن كثيرا من إجماعات القدماء بمعنى الاتفاق على القواعد الكلية التي تكون مدركا لبعض الأحكام الجزئية» ، وقال في كتاب الكفارات : «وإجماع السيدين كغيره من إجماعات القدماء ، لا وثوق بالمراد منها على وجه تريح النفس في الفتوى بها بالوجوب والحرمة ، وإن قلنا بحجية الإجماع المنقول لكن في الغالب ينقلونه على مقتضى العمومات ونحوها ...» وكلامه في المقامين حسن متين جدا ، كما لا يخفى على أهله.
السابع : أن يتفرد فقيه في عصر ولم يكن فقيه آخر في طبقته ولا الطبقة اللاحقة إلا أن يكون تلميذا له أو تلميذا لتلاميذه ، وحيث أن مثل هذا الفقيه لا يرى في الخارج رأيا إلا رأيه يصح له دعوى الإجماع ، وهذا كثير في دعوى الإجماع من مثل السيد المرتضى والشيخ قدسسرهما بل والعلامة ، ولا اعتبار بمثل هذا الإجماع.
الثامن : الإجماع القهري الانطباقي بعد استقرار رأي فقيه بين الناس ومن يتبعه قرنا أو أكثر ، يتحقق الإجماع قهرا لعدم ظهور الخلاف ، وينقل في القرون اللاحقة عين ما تحقق في القرن السابق ، وهذا أيضا كثير ، كما لا يخفى على الخبير ، ولا وجه لاعتباره أيضا.
ولو تردد إجماع بين ما هو معتبر وغير معتبر ، لا وجه للاعتماد عليه كما هو معلوم إلا إذا عينت القرائن ما هو المعتبر منه.