وذكر أبو عمر (١) الزاهد أنّ علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : « يابن عبّاس إذا صلّيت العشاء الآخرة فالحقني إلى الجبّان » . قال : فصلّيت ولحقته وكانت ليلة مقمرة.
قال : فقال لي : « ما تفسير الألف من الحمد ؟ » قال : فما علمت حرفا أجيبه. قال : فتكلّم في تفسيرها ساعة تامّة.
قال : ثمّ قال لي : « فما تفسير اللّام من الحمد ؟ » قال : فقلت : لا أعلم. فتكلّم في تفسيرها ساعة تامّة.
ثمّ قال : « فما تفسير الميم من الحمد ؟ » فقلت : لا أعلم. قال : فتكلّم في تفسيرها ساعة تامّة.
قال : ثم قال : « ما تفسير الدال [ من الحمد ] ؟ » قال : قلت : لا أدري. قال : فتكلّم فيها حتى برق عمود الفجر. قال : فقال لي : « يابن عبّاس ، قم إلى منزلك وتأهّب لفرضك » .
قال أبو العباس عبد الله بن عبّاس : فقمت وقد وعيت كلّ ما قال ، ثمّ تفكّرت فإذا علمي بالقرآن في علم عليّ كالقرارة في المثعنجر (٢) ، انتهى (٣) .
قالوا : القرارة : الغدير ، والمثعنجر : البحر.
وعن عليّ عليهالسلام قال : « لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا من تفسير فاتحة الكتاب » (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام قال : « لو وجدت لعلمي الذي آتاني الله عزوجل حملة ، لنشرت التوحيد والإسلام [ والإيمان ] والدّين والشرائع من الصّمد » (٥) .
وعن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إنّي لأعلم خبر السّماء ، وخبر الأرض ، وخبر ما كان وما هو كائن ، كأنّه في كفّي » .
ثمّ قال : « من كتاب الله أعلمه ، إنّ الله يقول : ( فيه تبيان كلّ شيء ) » (٦) .
وفي رواية عن أبي عبد الله ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « ليس شيء أبعد عن عقول (٧) الرّجال من تفسير القرآن ، وفي ذلك تحيّر الخلائق أجمعون إلّا ما شاء الله ، وإنّما أراد الله بتعميته في ذلك أن
__________________
(١) في النسخة : أبو عمرو ، وهو أبو عمر الزاهد ، محمد بن عبد الواحد اللغوي المشهور بغلام ثعلب ، المتوفّى سنة ٣٤٥ ه . راجع : فهرست ابن النديم : ١١٣ ، تاريخ بغداد ٢ : ٣٥٦ ، لسان الميزان ٥ : ٢٦٨ ، وفيات الأعيان ٤ : ٣٢٩.
(٢) المثعنجر : الماء وسط البحر وليس في البحر ماء يشبهه ، والسيل الكثير ، والقراءة : القاع المستدير يجتمع فيه الماء ، يقال : علمي إلى علمه كالقرارة في المثعنجر ، أي مقيسا إلى علمه كالقاع الصغير موضوعا في جنب البحر.
(٣) بحار الأنوار ٩٢ : ١٠٤.
(٤) إحياء علوم الدين ١ : ٣٣٤ و٣٤١ ، أسرار الصلاة للشهيد الثاني : ١٣٨.
(٥) التوحيد : ٩٢ / ٦.
(٦) تفسير العياشي ٣ : ١٨ / ٢٤١٥.
(٧) في المحاسن : شيء بابعد من قلوب.