وقيل : كان العبّاس بن عبد المطلب وخالد شريكين في الجاهليّة يسلفان في الربا ، فجاء الإسلام ، ولهما أموال عظيمة [ في الرّبا ] فأنزل الله [ هذه ] الآية ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « ألا إنّ كلّ ربا في الجاهليّة موضوع ، وأوّل ربا أضعه ربا العبّاس بن عبد المطلب ، وكلّ دم في الجاهليّة موضوع ، وأوّل دم أضعه دم ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب » (١) .
وعن القمّي رحمهالله : لمّا نزلت ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا﴾ قام خالد بن الوليد ، فقال : يا رسول الله ربا (٢) أبي في ثقيف ، وقد أوصاني عند موته بأخذه ، فأنزل الله (٣) : ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا﴾ ما امرتم به من الاتّقاء ، وترك بقايا الرّبا ، فقد عارضتم الله ، وتجرّأتم عليه ﴿فَأْذَنُوا﴾ واعلموا ﴿بِحَرْبٍ﴾ عظيمة ، وغضب شديد ، وعذاب أليم ، كائن ﴿مِنَ اللهِ﴾ بالنّار ﴿وَ﴾ من ﴿رَسُولِهِ﴾ بالقتال والسّيف.
روي أنّه كان لثقيف مال على بعض قريش ، فطالبوهم عند المحل بالمال والرّبا ، فنزلت الآية ، فقالت ثقيف : لا بدّ لنا بحرب الله ورسوله (٤) .
﴿وَإِنْ تُبْتُمْ﴾ من أخذ الرّبا بعد ما سمعتموه من النّهي والوعيد ﴿فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ﴾ أن تأخذوها كاملا ﴿لا تَظْلِمُونَ﴾ غرماءكم بأخذ الزّيادة ﴿وَلا تُظْلَمُونَ﴾ أنتم من قبلهم بالتّنقيص والمماطلة.
﴿وَإِنْ كانَ﴾ ووجد في غرمائكم ﴿ذُو عُسْرَةٍ﴾ وغير متمكّن من تهيئة المال - زائدا على المستثنيات المعهودة في الفقه - بسبب التّلف ، أو كساد المتاع ، أو انقطاع تصرّفه عنه مع وجوده ، بظلم ظالم ونحوه ﴿فَنَظِرَةٌ﴾ وإمهال واجب عليكم ﴿إِلى﴾ زمان حصول ﴿مَيْسَرَةٍ﴾ وقدرة على الأداء ، فلا يجوز مطالبته بالدّين.
عن الصادق عليهالسلام ، قال : « خلّوا سبيل المعسر كما خلّاه الله » (٥) .
روي أنّه لمّا نزلت آية ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ قالت الإخوة الأربعة الذين كانوا يعاملون بالربا : بل نتوب إلى الله ، فإنّه لا طاقة لنا بحرب الله ورسوله ، فرضوا برأس المال ، وطالبوا بني المغيرة بذلك ، فشكا بنو المغيرة العسرة ، وقالوا : أخّرونا إلى أن ندرك الغلّات ، فأبوا أن يؤخّروهم ، فنزلت
__________________
(١) مجمع البيان ٢ : ٦٧٣.
(٢) كذا ، والظاهر رابى بمعنى أعطى ماله بالربا.
(٣) تفسير القمي ١ : ٩٣ ، تفسير الصافي ١ : ٢٨١.
(٤) تفسير أبي السعود ١ : ٢٦٧.
(٥) الكافي ٤ : ٣٥ / ٣ ، تفسير الصافي ١ : ٢٨٢.