والعصاة ، وما هو مبغوض عند الله كالخمر والميسر والأصنام ، بل الزخارف الدّنيويّة ، يؤثر ظلمة في القلب ، وكدورة في النّفس ، كأنّه يقتبس الروح من هذه الخبائث خباثة وشقاوة ، كما يقتبس من الطيّبات والمقدّسات طيبا وقداسة وسعادة ، مع أنّ في النّظر الى المصحف زيادة توجّه القلب إليه ، وصرف النّفس عن شغلها بغيره.
سادسها : ترتيل القرآن وتلاوتة بمكث وبطاء بلا عجلة وسرعة ، عن الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾(١) قال : « قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : بيّنه تبيانا ولا تهذّه (٢) هذّ الشّعر ، ولا تنثره نثر الرّمل ، ولكن أفزعوا به قلوبكم القاسية ، ولا يكن همّ أحدكم آخر السّورة » (٣) .
وعن ابن عبّاس ، في تفسير الآية : بيّنه تبيانا (٤) وأقرأه على هينتك (٥) ، ثلاث آيات ، وأربعا ، وخمسا (٦) .
وقيل : الترتيل هو أن يقرأه على نظمه وتواليه ، ولا يغيّر لفظا ولا يقدّم مؤخّرا (٧) .
سابعها : تحسين الصوت به ، عن الصادق عليهالسلام في تفسير التّرتيل قال : « هو أن تتمكّث فيه ، وتحسّن به صوتك » (٨) .
وعنه عليهالسلام قال : « قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : لكلّ شيء حلية ، وحلية القرآن الصّوت الحسن » (٩).
وعن الرضا عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حسّنوا القرآن بأصواتكم ، فإنّ الصّوت الحسن يزيد القرآن حسنا » (١٠) .
وعن الصادق عليهالسلام قال : « كان عليّ بن الحسين عليهماالسلام أحسن النّاس صوتا بالقرآن ، وكان السّقّاؤن يمرّون فيقفون ببابه يسمعون قراءته » (١١) .
وعن أبي الحسن عليهالسلام قال : ذكر الصّوت عنده ، فقال : « إنّ عليّ بن الحسين كان يقرأ ، فربّما مرّ به المارّ فصعق من حسن صوته » (١٢) .
ثمّ لا يذهب عليك أنّ حسن الصّوت مغاير للغناء الذي هو من الأصوات الملهية المطربة المعهودة عند العرف ، ويرجع في تمييزها إليهم ، وهو من الكبائر ، خصوصا في القرآن.
عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : « اقرءوا القرآن بألحان العرب وأصواتها ، وإيّاكم ولحون أهل الفسق وأهل
__________________
(١) المزمل : ٧٣ / ٤.
(٢) هذّه : قطعه سريعا ، وهذّ القرآن : أسرع في قراءته ، وهذّ قراءته : إذا أسرع فيها.
(٣) الكافي ٢ : ٤٤٩ / ١. (٤) في المجمع : بيانا. (٥) الهينة : السكينة.
( ٦ و٧ و٨ ) . مجمع البيان ١٠ : ٥٦٩.
(٩) الكافي ٢ : ٤٥٠ / ٩. (١٠) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٦٩ / ٣٢٢.
(١١) الكافي ٢ : ٤٥١ / ١١. (١٢) الكافي ٢ : ٤٥٠ / ٤.