« عليك بالصّبر في جميع امورك ، فإنّ الله عزوجل بعث محمّدا صلىاللهعليهوآله فأمره بالصّبر والرّفق » الخبر (١) .
وعنه عليهالسلام في رواية : « فمن صبر كرها ولم يشك إلى الخلق ولم يجزع بهتك ستره فهو من العام ، ونصيبه ما قال الله تعالى : ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ الخبر (٢) .
في أنّ البلاء والمصيبة من ألطاف الله بالمؤمن
ثمّ اعلم أنّ الآية صريحة في أنّ البلاء والرّخاء والنعمة والشّدّة كلّها من الله ، وأنّ البلاء والمصيبة من ألطافه تعالى بالمؤمن ؛ لأنّه مقدّمة للصّبر الذي هو من أفاضل الصّفات وأكمل الخصال والملكات للنّفس.
روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « الإيمان نصفان : نصف صبر ونصف شكر ، فإذا صبر المؤمن عند نزول الشّدائد كان له درجات » الخبر (٣) .
نعم ، قد يكون كفّارة للسّيئات كما روي عن ( النهج ) « أنّ الله يبتلي عباده عند الأعمال السّيئة بنقص الثمرات ، وحبس البركات ، وإغلاق خزائن الخيرات ؛ ليتوب تائب ، ويقلع مقلع ، ويتذكّر متذكّر ، ويزدجر مزدجر » (٤) .
في بيان وجه أفضلية الصبر على الطاعة من الصبر على البلاء
ثمّ أنّه روي : « أنّ الصّبر على الطّاعة من عمل الواجبات وترك المحرّمات أفضل من الصّبر على البلاء » (٥) ، لوضوح أنّه متوقّف على قوّة الإيمان وشدّة اليقين ، حيث إنّ الانسان العاقل البالغ المكلّف له قوّة شهويّة تدعوه إلى اللذّات النفسانيّة العاجلة والاشتغال بها ، وقوّة عاقلة تدعوه إلى اللذّات الرّوحانيّة الباقية ، ولو كانت آجلة ، والتجنّب عمّا يصدّ عنها ، فإذا عرف العقل أنّ الاشتغال بطلب اللذّات الفانية يمنعه عن الوصول إلى اللذّات الباقية تكون هذه المعرفة صادّة ومانعة لداعية الشّهوة ، فيسمّى ذلك المنع والصّدّ صبرا.
نقل كلام الفخر الرازي وتزييفه
ثمّ من العجائب ، أنّ قال الفخر الرازي في ( تفسيره ) : إنّ هذه الآية تدلّ على أنّ الغذاء لا يفيد الشّبع ، وشرب الماء لا يفيد الريّ ، بل كلّ ذلك يحصل بما أجرى الله العادة به عند هذه الأسباب ؛ لأنّ قوله : ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ صريح في إضافة هذه الامور إلى الله ، انتهى (٦) .
__________________
(١) الكافي ٢ : ٧١ / ٣ ، بحار الأنوار ٩ : ٢٠٢ / ٦٦.
(٢) مصباح الشريعة : ١٨٦ ، تفسير الصافي ١ : ١٨٥.
(٣) تفسير الرازي ٤ : ١٤٩ ، إلى قوله : شكر.
(٤) نهج البلاغة : ١٩٩ الخطبة ١٤٣ ، تفسير الصافي ١ : ١٨٦.
(٥) بحار الأنوار ٧٦ : ١٦.
(٦) تفسير الرازي ٤ : ١٥٣.