أقول : الرّبا في الشّرع قسمان : ربا المعاوضة ، وربا القرض.
أمّا الأوّل : فهو معاوضة جنس بجنسه - إذا كانا مكيلين أو موزونين - مع الزّيادة في أحد العوضين.
فيعتبر في الرّبا المعاملي أمران : اتّحاد الثّمن والمثمّن في الجنس ، وكونه مكيلا أو موزونا. فإذا تحقّق الشّرطان تعتبر المساواة ، وتحرم الزّيادة ، بلا خلاف نصّا وفتوى ، سواء كانت المعاملة بصيغة البيع أو الصّلح أو غيرهما على الأظهر ، لإطلاق الرّوايات وعموم العلّة.
وأمّا الثاني : فهو إقراض مال - مكيلا كان أو موزونا ، أو غيرهما - مع شرط النّفع بالعين ، أو الصّفة ، أو تمديد أجل الدّين بشرط النّفع.
ولا ريب أنّه بكلا قسميه من الكبائر ، حيث أوعد الله الآكلين له والمتصرّفين فيه بأنّهم ﴿لا يَقُومُونَ﴾ من قبورهم حين بعثهم منها ﴿إِلَّا كَما يَقُومُ﴾ المصروع ﴿الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ﴾ ويصرعه ﴿الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ﴾ قيل : إنّ من عذاب أكل الرّبا أنّه يحشر في القيامة مجنونا ، ويكون ذلك سيماهم يعرفون به في المحشر.
وقيل : إنّ التّعبير عن الجنون أو الصّرع بالخبط الحاصل من مسّ الشّيطان ، مبنيّ على زعم العرب من كون الجنون والصّرع حاصلين من مسّ الشّيطان والجنّ.
وقيل : إنّ آكل الرّبا يعظم بطنه في المحشر ، بحيث يقوم ويسقط من ثقله ، وسائر النّاس يوفضون إلى المحشر ، وهو لا يقدر على سرعة المشي ، بل لعظم بطنه وثقله بسبب أكل الرّبا ، ينهض ويسقط كالمصروع (١) ، لا أنّه يصير مصروعا أو مجنونا.
عن القمّي رحمهالله و( المجمع ) : عن الصادق عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لمّا اسري بي إلى السّماء رأيت قوما يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر لعظم بطنه ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون الرّبا ، لا يقومون إلّا كما يقوم الذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ ، فإذا هم بسبيل آل فرعون يعرضون على النّار غدوّا وعشيّا ، يقولون : ربّنا متى تقوم السّاعة » الخبر (٢) . وفيه دلالة على وجود عالم الصّور والمثال.
﴿ذلِكَ﴾ العذاب المقرّر للمربين (٣) معلّل ﴿بِأَنَّهُمْ﴾ بنوا على حلّيّة الرّبا ، حتى جعلوه أصلا ، وشبّهوا
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ٤٣٦.
(٢) تفسير القمي ١ : ٩٣ ، مجمع البيان ٢ : ٦٦٩ ، تفسير الصافي ١ : ٢٧٨.
(٣) المربي : من يأتي الربى.