الفرق وإن كان محلّ تأمّل إلاّ أنّ له نوع وجه.
وقد اتفق لشيخنا ١ في المدارك أنّه بعد ذكر الروايات الدالة على مسح الوجه ، قال : وبهذه الروايات أخذ علي ابن بابويه ، ويمكن الجواب بالحمل على الاستحباب ، أو على أنّ المراد بالوجه مسح بعضه ، قال في المعتبر : والجواب الحق العمل بالخبرين ، فيكون مخيّراً بين مسح الوجه وبعضه (١). انتهى.
وأنت خبير بأن هذا الكلام من شيخنا ١ لا يخلو من إجمال ؛ لأن الاستحباب إن كان هو ما ذكره المحقِّق في المعتبر من التخيير (٢) ، ففيه مع كونه خلاف الظاهر احتمال الفرق ، وإن كان غيره ففيه أنّ الاستحباب في مسح الوجه لا بدّ من بيانه بأيّ معنى ، فإنّ استحباب جميع الوجه من أوّل الأمر هو أحد فردي المخير ، ومسح الوجه بعد مسح الجبهة بقصد الوجوب والباقي بقصد الاستحباب موقوف على الدليل ، وأين ما يدل على هذا التفصيل؟ والحق أنّ التخيير أقرب إلى الاعتبار.
وأمّا ما قيل : من أنّ ما دل على مسح الجبينين يحمل على الاستحباب (٣) ، كالخبر الآتي في الباب الذي بعد هذا ، نظراً إلى ما دل على الجبهة كالخبر المبحوث عنه.
ففي نظري القاصر أنّه غير تامّ ؛ لأنّ الاستحباب في هذا المقام لا وجه له ، إذ الفرد الكامل لا يتحقق من حيث إنّ الجبينين لا يتناولان الجبهة ، بخلاف الوجه ، واستحباب غير الفرد الكامل لا معنى له ، إذ لم يتحقق
__________________
(١) المدارك ٢ : ٢٢١.
(٢) المعتبر ١ : ٣٨٦.
(٣) روض الجنان : ١٢٦.