ولا يذهب عليك أنّ مفاد الأخبار الدالة على التيمم بالغبار وإن كان الإطلاق في الغبار من التراب وغيره ، إلاّ أنّ احتمال إرادة التراب قريب ، نظراً إلى أنّه المتعارف من الغبار غالباً.
وقد نقل العلاّمة في المختلف عن سلاّر أنّه قال : ( إذا وجد الثلج والوحل والحجر نفض ثوبه وسرجه ورحله ، فإن خرج منه تراب تيمم به (١). وعن المرتضى أنّه قال ) (٢) يجوز التيمم بالتراب وغبار الثوب وما أشبهه إذا كان الغبار من التراب (٣).
وظاهر نقل العلاّمة الأقوال أنّه فهم من كلام غير المذكورين إرادة إطلاق الغبار ومنهم المفيد وقد اختار قوله كما قدمنا الإشارة إليه ، غير أنّ العجب من العلاّمة أنّه قال بعد اختيار القول المذكور وذكر الأخبار المؤيّدة : وأمّا اشتراط الغبار فلمّا بيّنا من أنّ التيمم إنّما يكون بالأرض أو التراب (٤).
وأنت خبير بأنّ هذا يخالف إطلاق مذهب المفيد ، ولو حمل الإطلاق على التراب لم يتم نقله الأقوال على الإطلاق ، فليتأمّل.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ شيخنا ١ نقل في المدارك عن السيد المرتضى في الجمل أنّ الذي يظهر منه جواز التيمم بالغبار مع وجود التراب ، قال ١ : وهو بعيد ، لأنّه لا يسمّى صعيدا (٥).
وقد يقال : إنّ الصعيد هو التراب ، والغبار إذا كان من التراب لا وجه لخروجه عنه إلاّ من حيث تسميته غباراً ، وضرورة مثل هذه التسمية غير
__________________
(١) المختلف ١ : ٢٦١.
(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».
(٣) المختلف ١ : ٢٦٢.
(٤) المختلف ١ : ٢٦٣.
(٥) مدارك الاحكام ٢ : ٢٠٧.