على عدم قيام الظن مقام العلم إذا سبقه العلم ، لا مطلقاً كما لا يخفى.
الرابع : يستفاد من الرواية الاكتفاء بغَسل الناحية التي أصابها المني ، وقد تقدّم من الأخبار هنا ما يدل على غَسل الثوب كلّه مع الاشتباه (١) ، وفي التهذيب روى الشيخ أيضاً ما يدل على ذلك (٢) ، ولعلّ الجمع ممكن بحمل غَسل الثوب على الاشتباه فيه كله.
ولا يتوجه علينا أنّ هذا الخبر مناف لما أسلفناه من دفع كلام البعض حيث قال : إنّ غَسل البعض من المشتبه يزيل يقين النجاسة ، فأجبنا عنه بأنّ يقين النجاسة لا يزول بعد أمر الشارع بغَسل كل المشتبه (٣).
وهذا الخبر لا ينافي ما قلناه لأنّه ٧ أوجب غَسل الناحية ، ومعلوم أنّ قدر المني قد يكون أقلّ ممّا غسل ، غاية الأمر أنّ الناحية في هذا الخبر مجملة وبيانها من غيره الدال على غَسل موضع الاشتباه ، وحينئذ ما تيقن خلوّه لا يغسل ، والمشتبه يغسل ، وهو المعبَّر عنه في هذا الخبر بالناحية.
وقوله ٧ : « حتى تكون على يقين من طهارتك » في نظري القاصر يدل على أنّ النجاسة إذا تحققت لا بد في رفعها من اليقين ، وكثيراً ما يعترض على الشيخ حيث يستدل بالاحتياط موجّهاً له بأنّ اليقين يحصل به ، فيقال : بأنّ اليقين يحصل بما أعدّه الشارع ، وأنت خبير بأنّ ما أعدّه الشارع قد عارضه هذا الحديث ، ويمكن الجواب بأنّ المراد باليقين هنا ما يتناول الظن ، كما يدل عليه التأمّل في الأحكام الشرعية.
فإن قلت : لو أُريد بالخبر ما يعم الظن لم يتم الحكم ؛ لأنّه ٧
__________________
(١) راجع ص ٨٤٧ و ٨٥١ و ٨٦٩.
(٢) التهذيب ١ : ٢٥٢ / ٧٢٧ ٧٢٩.
(٣) راجع ص ٨٤٩ ٨٥٠.