وسميت عذرة الناس بها لأنّها كانت تلقى في الأفنية (١) (٢) ففي نظري القاصر : أنّه لا يخلو من تأمّل :
أمّا أولاً : فلوجود بعض الأخبار الدالة على إطلاقها على غير الإنسان ، ففي صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله ٧ عن الرجل يصلّي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنّور أو كلب (٣).
اللهم إلاّ أنّ يقال : إنّ العذرة هنا مقيّدة ، ويجوز التجوّز بقرينة ، والمدعى الإطلاق.
وفيه : أنّ الأصل في الإطلاق الحقيقة ، إلاّ أنّ تسبق الحقيقة بشيء ثم يستعمل اللفظ في غيره ، فيكون أعم من الحقيقة والمجاز ، كما حققناه في الأُصول ، وفيما نحن فيه لم نعلم أنّ الأصل هو عذرة الإنسان ليكون في غيرها مجازاً ، لأنّه خير من الاشتراك ، فليتأمّل.
وأمّا ثانياً : فلأنّ كلام الجوهري (٤) يعارضه كلام القاموس ، والجمع ممكن ، بأنّ يراد أصل استعمال العذرة فيما ذكر ، ثم صارت تطلق على الجميع.
أمّا ما قد يقال : إنّ العذرة في الرواية قد استعملت في عذرة الإنسان وهي حقيقة ، فلو كانت مجازاً في غيره لكان استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ، وهو غير جائز.
ففيه : أنّ اللفظ لم يستعمل في حقيقته ومجازه ، بل هنا ألفاظ مقدّرة
__________________
(١) الصحاح ٢ : ٧٣٨ ( عذر ).
(٢) مدارك الأحكام ٢ : ٢٦٠ ، بتفاوت يسير.
(٣) الكافي ٣ : ٤٠٦ / ١١ ، التهذيب ٢ : ٣٥٩ / ١٤٨٧ ، الإستبصار ١ : ١٨٠ / ٦٣٠ ، الوسائل ٣ : ٤٧٥ أبواب النجاسات ب ٤٠ ح ٥.
(٤) في « فض » : الهروي.