وفي حواشي جدّي ١ على الخلاصة : إنّ أراد بالمعارض ما يتناول أصالة البراءة فالكلام جيّد ، إلاّ أنّ العمل والحال هذه يكون بالأصل لا بالخبر ؛ وإنّ أراد بالمعارض النقل دون أصالة البراءة فمشكل ؛ لأنّ الخروج عن أصالة البراءة برواية الواقفي غير معهود من مذهبه وإنّ كان موثقاً. انتهى.
وفي نظري القاصر أنّ ما قاله جدّي ١ محلّ تأمّل ، لأنّ ظاهر قول العلاّمة : إذا خلا عن المعارض. لا يقبل إرادة أصالة البراءة ؛ لأن معارضة أصالة البراءة لا يتمّ إلاّ إذا دلّ الخبر على خلافها ، فكيف يقول حينئذٍ : إنّ العمل بالأصالة لا بالخبر.
ولعلّه ١ فهم من العلاّمة أنّ مراده بالخلوّ عن معارضة أصالة البراءة موافقة أصالة البراءة ؛ لأنّ خلوّ الخبر عن معارضة أصالة البراءة يقتضي موافقة أصالة البراءة.
وهذا وإنّ أمكن توجيهه إلاّ أنّه يمكن أنّ يقال : إنّ الخلوّ عن معارضة الأصالة لا يقتضي موافقتها ، كما لو فرض تحقّق اشتغال الذمّة بحكم ثم ورد الخبر في زوال ذلك الحكم ، فإنّ الخبر حينئذٍ غير معارض بأصالة البراءة ولا موافق لها.
وتوضيح هذا يتحقق بمثالٍ ، وهو ما لو علم نجاسة الثوب بشيء من النجاسات ، ( ثم ورد الخبر بأنّ طهره يتحقق بالغَسل بالماء مرّة ، فأصالة البراءة لا توافقه لتحقق اشتغال الذمّة بالنجاسة ) (١).
اللهم إلاّ أنّ يقال : إنّ أصالة البراءة من الزائد عن المرّة موجودة فهي
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « فض ».