الرجل والمرأة ، ولو حمل النهي على التحريم مع المباشرة ، وحمل الاستحباب هنا مع عدمها ، ففيه : أنّ بعض ما تقدّم دلّ على عدم كشف شيء ممّا أمر الله بستره ، فلا بدّ من حمل هذين الخبرين على كون الغسل مع الساتر ، لكن الخبر الأوّل منهما يدل على الاكتفاء بالمئزر ، فالاستحباب على الإطلاق لا وجه له.
وأمّا ثانياً : فلأنّ حصر المانع في المباشرة غير ظاهر الوجه بعد ما ذكرناه ، ولو أراد بالمباشرة ما يتناول النظر فالخبران لا يدلان على ذلك ، بل الأوّل يدل على خلافه ، وبالجملة فالمقام غير محرّر ، لكن من يتوقف عمله على الصحيح في راحة من تكلّف التوجيه.
وأمّا ثالثاً : فلأنّ الظاهر من قوله الآتي أنّ يكون أوّل الكلام في المرأة إذا غسّلت الرجل ، والرواية الثانية تضمّنت الرجل والمرأة ، ومقتضى حمل الروايتين على الاستحباب فيهما ، وقد عرفت الحال.
والظاهر أنّ مراده بالكلام الأخير بيان زيادة حكم للمرأة ، كما ينبّه عليه قوله : أيضاً ، فيتأكد ما ذكرناه من الإجمال.
قوله :
وأمّا المرأة ، فقد روي أيضاً أنّه يجوز للرجال أنّ يغسّلوا منها ما كان يجوز لهم النظر إليه من محاسنها الوجه واليدين ، يدل على ذلك :
ما رواه الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن داود بن فرقد ، قال : مضى صاحب لنا يسأل أبا عبد الله ٧ عن المرأة تموت مع رجال ليس فيهم ذو محرم ، هل يغسّلونها وعليها ثيابها؟ فقال : « إذن يدخل ذلك عليهم ، ولكن يغسلون كفّيها ».