وذكر شيخنا في مبسوطة ، قال : فإن سمع الحاكم من الفرع ، في الموضع الذي يسوغ له أن يسمع ويحكم بشهادته ، ثمّ تغيرت حال الأصل ، كان الحكم فيه كما لو سمع من الأصل نفسه ، تغيرت حاله ، فإن عمى الأصل ، أو خرس ، حكم بشهادة الفزع ، لأنّ الأصل لو شهد ، ثم عمى ، أو خرس ، حكم بشهادته ، وإن فسق الأصل ، لم يحكم بشهادة الفرع ، لأنّه لو سمع من الأصل ، ثم فسق ، لم يحكم بشهادته ، لأنّ الفرع يثبت بشهادة الأصل ، فإذا فسق الأصل ، لم يبق هناك ما يثبته ، هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطة (١).
وأيضا فإذا رجع الأصل ، وأنكر ، صار فاسقا ، كذابا ، عند الفرع ، فكيف يشهد على شهادة فاسق ، وكيف له ، ان يصدّقه ، ويشهد على شهادته ، وهو لا يأمن أن يكون في الأول كاذبا ، كما كان عند إنكاره لشهادة الفرع كاذبا.
وأيضا الحاكم إذا رجع الشاهد ، قبل الحكم بشهادته ، لم يحكم بها بغير خلاف.
وأيضا الأصل أن لا حكم ولا شهادة ، وبقاء الأموال على أربابها ، وهذا حكم شرعيّ ، فمن ادّعى إثباته ، يحتاج إلى دليل شرعي ولا دليل على ذلك من كتاب الله تعالى ، ولا سنة مقطوع بها ، ولا إجماع ، والأصل معنا ، وهو نفي الأحكام الغير المعلومة بأدلة العقول ، إلى أن يقوم دليل سمعي على إثباتها.
وأيضا قوله ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٢) يشيّد ذلك ، ويعضده.
وأيضا فالصحيح من أقوال أصحابنا المحصّلين ، أن شهادة الفرع ما يجوز ، إلا بعد تعذر حضور شاهد الأصل ، وفي هذه المواضع شاهد الأصل حاضر ، فلا يجوز قبول شهادة الفرع ، فليلحظ ذلك.
لا مدخل للنساء في الشهادة على الشهادة ، سواء كان الحق ممّا يشهد فيه
__________________
(١) المبسوط : ج ٨ ، فصل في الشهادة على الشهادة ، ص ٢٣٣.
(٢) الاسراء : ٣٥.