أقرّ به لخصمه ، سلّم الحاكم إلى الخصم من ذلك ماله ، وإن كان من غير جنس الحق ، باعه عليه ، وقضى دينه منه ، وإن لم يكن له مال ظاهر ، أمر خصمه بملازمته حتى يرضيه ، فإن التمس الخصم حبسه على الامتناع من أداء ما أقرّ به ، فإن عرف الحاكم أنّه معدم فقير ، خلّى سبيله ، فإن لم يعرف من حاله شيئا ، حبسه له (١) ، فإن ظهر له بعد أن حبسه ، أنّه معدم فقير لا يرجع إلى شيء ، ولا يستطيع الخروج ممّا أقرّ به خلّى سبيله ، وأمره أن يتمحل يعنى يتكسب ويحتال قال الشاعر :
وقالت تمحل كي تحج فانّني |
|
أرى الناس يعتدّون للحج أرجلا |
فقلت لها والله مالي حيلة |
|
فما ذا عسيت اليوم أن أتمحلا |
حق خصمه ، ويسعى في الخروج ممّا عليه.
وإن ارتاب الحاكم بكلام المقر ، وشك في صحّة عقله أو اختياره للإقرار ، توقف عن الحكم عليه ، حتى يستبرئ حاله.
وإن أنكر المدّعى عليه ما ادّعاه المدّعي ، سأله ألك بيّنة على ذلك ، فإن قال نعم هي حاضرة ، نظر في بينته بعد سؤاله ، وإن قال : نعم غير أنّها ليست حاضرة ، فلا يقول له الحاكم أحضرها ، بل يتركه ، إلى أن يحضر بينته ويسأله سماعها.
وقال شيخنا في نهايته : قال له أحضرها (٢) ، وقد رجع عن هذا القول ، في مبسوطة (٣).
وإن قال المدّعي : لست أتمكن من إحضارها ، قال شيخنا في نهايته : جعل معه مدة من الزمان ، ليحضر فيه بينته ، وتكفل لخصمه (٤).
ورجع عن هذا القول في مسائل خلافه ، فقال : مسألة ، إذا ادّعى على غيره حقا ، فأنكر المدّعى عليه ، فقال المدّعي : لي بيّنة غير أنّها غائبة ، لم تجب (٥) له ملازمة المدّعى عليه ، ولا مطالبته له بكفيل ، إلى أن يحضر البينة ، وبه قال
__________________
(١) ج : حبسه.
(٢) و (٤) النهاية : كتاب القضايا والأحكام.
(٣) المبسوط : ج ٨ ، كتاب آداب القضاء ، ص ١٥٩.
(٥) ل : لم يجز.