والحكم بها ، بأن قامت البينة عنده أنّهما شربا الخمر أو قذفا حرا ، قبل الحكم بشهادتهما بيوم ، قال قوم : ينقض الحكم ، وهو الذي يقتضيه مذهبنا.
من ادعى مالا أو غيره ، ولا بينة له ، فتوجهت اليمين على المدّعى عليه ، فنكل عنهما ، فإنّه لا يحكم عليه بالنكول ، بل يلزم اليمين المدّعي ، فيحلف ، ويحكم له بما ادّعاه ، هذا هو مذهب أصحابنا.
وقال شيخنا أبو جعفر ، في نهايته : فإذا نكل ، لزمه الحق ، وأطلق ذلك (١) ورجع في مسائل الخلاف (٢) ، والمبسوط (٣) ، إلى ما اخترناه ، والمعنى فيما ذكره في نهايته ، من قوله لزمه الحق ، يعني أن بنكوله صارت اليمين على المدّعي ، بعد أن كانت عليه ، وكل من كانت عليه اليمين ، فهو أقوى جنبة من صاحبه ، والقول قوله مع يمينه ، لا أنّه أراد بمجرد النكول يقضي الحاكم عليه بالحق ، من دون يمين خصمه.
فامّا حقوق الله فعلى ضربين ، حقّ لا يتعلّق بالمال ، وحقّ يتعلّق بالمال ، فأمّا ما لا يتعلّق بالمال ، كحدّ الزنا ، وشرب الخمر ، وغير ذلك ، فلا يسمع فيه الدعوى ، ولا يلزم الجواب ، ولا يستحلف ، لأنّ ذلك مبني على الإسقاط.
إذا مات رجل ، وخلّف طفلا ، وأوصى إلى رجل بالنظر في أمره ، فادّعى الوصي دينا على رجل ، فأنكر ، فإن حلف ، سقطت الدعوى ، وإن لم يحلف ، فلا يمكن ردّ اليمين على الوصي ، لأنه لا يجوز أن يحلف عن غيره ، فتوقف إلى أن يبلغ الطفل ، ويحلف ، ويحكم له.
المستحب أن لا يكون الحاكم جبّارا ، متكبرا ، عسوفا ، لأنّه إذا عظمت هيبته ، لم يلحن ذو الحجّة بحجّته (٤) ، هيبة له ولا يكون ضعيفا مهينا ، لأنّه
__________________
(١) النهاية : كتاب القضاء والأحكام .. والعبارة هكذا : « فان نكل عن اليمين الزمه الخروج الى خصمه ».
(٢) الخلاف : كتاب الشهادات ، المسألة ٣٨.
(٣) المبسوط : ج ٨ ، فصل في النكول عن اليمين ، ص ٢١٢.
(٤) ج : لحجّته.