لا يهاب ، فربما خرق بمجلسه بالمشاتمة ويكون فيه شدة من غير عنف ، ولين من غير ضعف ، فإن ذلك أولى بالمقصود.
ومتى حدثت حادثة ، فأراد أن يحكم فيها ، فإن كان عليها دليل من نص كتاب ، أو سنة مقطوع بها ، أو إجماع ، عمل عليه ، قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة : وعندنا ان جميع الحوادث هذا حكمها ، فلا يخرج عنها شيء ، قال رحمهالله : فإن شذت ، كانت مبقاة على الأصل (١).
وهذا هو الصحيح الذي يقتضيه مذهبنا ، الذي لا يجوز العدول عنه.
وقال شيخنا أبو جعفر في الجزء الثاني من الإستبصار ، في باب البيّنتين إذا تقابلتا ، أورد أخبارا تتضمن أنّ قوما اختصموا في بغلة أو دابة ، وأنهم أنتجوها على مذودهم (٢).
قال محمّد بن إدريس رحمهالله : المذود ، بالميم ، والذال المعجمة ، والواو ، والدال غير المعجمة : المعلف ، والمربط ، وهو مشتق من ذدت الشيء ، إذا حمى عنه ، وطرد عنه ، فهو مفعل من ذاد يذود ، فكأنما البهيمة تحمى وتطرد عن مربطها. ومعلفها ، قال الجاحظ في كتاب الحيوان : أورد في معنى البراغيث ، ثلاثة أبيات وهي :
هنيئا لأهل الري طيب بلادهم |
|
وأنّ أمير الري يحيى بن خالد |
بلاد إذا جنّ الظلام تقاقرت (٣) |
|
براغيثها من بين مثنى وواحد |
ديازجة سود الجلود كأنّها |
|
بغال بريد أرسلت من مذاود (٤) |
وقال المفضل بن سلمة في كتاب البارع : المرود بالراء ، موضع الذال ، الحبل الذي يرود فيه ، أي يذهب ويجيء وأنشد بيتا يصف نشاط فرس :
قاظ بذي الآرى فالمنحنا |
|
يقتلع الارىّ بالمرود |
__________________
(١) المبسوط : ج ٨ ، كتاب آداب القضاء ، ص ٩٧.
(٢) الاستبصار : كتاب القضايا والأحكام الباب ٢٢ البينتان إذا تقابلتا ، ص ٣٨.
(٣) ج : تقاتلت ، وفي المصدر تقافزت.
(٤) الحيوان : ج ٥ ، ص ٣٩٠.