أموالهم على التمام والكمال ، فقد أخذوا ما لم يكن لهم ، بل الواجب تسليم مال من لم يأذن بالخلط على الكمال ، ويدخل النقصان والخسران على الباقين ، فلمّا أخذوا المال ، رجع صاحب المال الذي لم يأذن بالخلط ، على المضارب المفرّط بالخلط ، بجميع ماله ورجع المضارب على من أخذ المال بقدر ما غرم.
وقوله في الخبر : يخلطها بماله ويتجربها ، المعنى فيه خلطها بماله ، واتجر بها ، وإن كان أتى به بلفظ الاستقبال ، فقد يأتي المستقبل بمعنى الماضيّ والماضي بمعنى المستقبل (١) وهذا كثير في كلام العرب والقرآن ، قال الله تعالى « وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ » (٢) معناه وينادي ، وقال الشاعر :
وانضخ جوانب قبره بدمائها |
|
فلقد يكون اخادم وذبائح |
معناه فلقد كان ، بغير شك ، هذا فقه الحديث.
محمد بن إسماعيل ، عن جعفر بن عيسى ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليهالسلام ، جعلت فداك ، المرأة تموت ، فيدّعي أبوها ، أنّه أعارها بعض ما كان عندها من متاع ، وخدم ، أيقبل دعواه بلا بيّنة ، أم لا تقبل دعواه إلا ببيّنة؟ فكتب إليه يجوز بلا بينة (٣).
قال محمّد بن إدريس ، مصنّف هذا الكتاب : أول ما أقول في هذا الحديث ، أنّه خبر واحد ، لا يوجب علما ولا عملا ، وفيه ما يضعفه ، وهو أنّ الكاتب الراوي للحديث ، ما سمع الإمام يقول هذا ، ولا شهد عنده شهود ، أنّه قاله ، وافتى به ، ولا يجوز أن يرجع إلى ما يوجد في الكتب ، فقد يزوّر على الخطوط ، ولا يجوز للمستفتي أن يرجع إلا إلى قول المفتي ، دون ما يجده بخطه ، بغير خلاف ، من محصل ضابط لأصول الفقه.
ولقد شاهدت جميعة من متفقهة أصحابنا ، المقلدين لسواد الكتب ،
__________________
(١) ج : المستقبل بمعنى الماضي
(٢) الأعراف : ٤٨.
(٣) الوسائل : الباب ٢٣ من أبواب كيفية الحكم ، ح ١.