قال محمّد بن إدريس : فقه ذلك : انّ المستأجر إذا لم يقبض الأجير الأجرة ، ولا وكيل الأجير ، فهو ضامن لها ، إلى أن يقبضها الأجير ، أو وكيله ، ومن وضعها على يده فهو وكيل للمستأجر ، دون الأجير ، فلأجل هذا كان ضامنا لها ، لأنّ الأجير لو طلبها ممّن سلّمت إليه ، لم يسلمها فأمّا إذا (١) تسلّمها الأجير ، أو أمر المستأجر أن يسلّمها إلى شخص ، رضيه ، وهلكت ، فإنّها تكون من مال الأجير تهلك ، دون مال المستأجر ، لأنّه لو طلبها ، لم يجز لمن هي عنده أن يسلّمها إليه.
وروى محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : قضى أمير المؤمنين عليهالسلام ، برد الحبيس ، وإنفاذ المواريث (٢).
قال محمّد بن إدريس : سألني شيخنا محمود بن علي بن الحسين الحمصي (٣) المتكلّم الرازي ، رحمهالله ، عن معنى هذا الحديث ، وكيف القول فيه؟ فقلت : الحبيس معناه ، الملك المحبوس على بنى آدم ، من بعضنا على بعض ، مدة حياة الحابس ، دون حياة المحبوس عليه ، فإذا مات الحابس ، فإنّ الملك المحبوس ، يكون ميراثا لورثة الحابس ، وينحل حبسه على المحبوس عليه ، فقضى عليهالسلام ، بردّه إلى ملك الورثة ، لأنّه ملك مورثهم ، وانّما جعل منافعه مدة حياته للمحبوس عليه ، دون رقبته ، فلمّا مات بطل ما كان جعله له ، وزال الحبس عنه ، فهو ملك من أملاكه ، فترثه ورثته عنه ، بعد موته ، كما ترث سائر أملاكه ، فأنفذ المواريث عليهالسلام فيه ، على ما تقتضيه شريعة الإسلام.
فأمّا إذا كان الحبيس ، على مواضع قرب العبادات ، مثل الكعبة والمشاهد ، والمساجد ، فلا يعاد إلى الأملاك ، ولا ينفذ فيه المواريث ، لأنّه بحبسه على هذه المواضع ، خرج عن ملكه ، عند أصحابنا ، بغير خلاف بينهم فيه ، فلأجل هذا قلنا :
__________________
(١) ج : فإذا.
(٢) الوسائل : الباب ٥ من أبواب أحكام السكنى والحبيس ، ح ١.
(٣) قال الأردبيلي « رحمهالله » في جامع الرواة : علامة زمانه في الأصولين ، ورع ثقة ، له تصانيف إلخ.