« على بني آدم بعضنا على بعض » ، احترازا من الحبيس الذي على مواضع العبادات.
فأعجبه ذلك ، وقال : كنت أتطلّع (١) على المقصود فيه ، وحقيقة معرفته ، وكان منصفا ، غير مدع لما لم يكن عنده معرفة حقيقته ، ولا من صنعته ، وحقا ما أقول : لقد شاهدته على خلق قل ما يوجد في أمثاله ، من عوده إلى الحق ، وانقياده الى ربقته ، وترك المراء ونصرته ، كائنا من كان صاحب مقالته ، وفقه الله وإيّانا لمرضاته وطاعته.
وروى يونس بن عبد الرحمن عن منصور بن حازم ( بالحاء غير المعجمة ) عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قلت عشرة كانوا جلوسا ، ووسطهم كيس ، فيه عشرة ألف (٢) درهم ، فسأل بعضهم بعضا ، ألكم هذا الكيس ، فقالوا كلهم : لا ، فقال واحد منهم : هو لي ، فلمن هو ، قال للذي ادّعاه (٣).
قال محمّد بن إدريس رحمهالله : فقه هذا الحديث صحيح ، وليس هذا ممّا أخذه لمجرد دعواه ، وانّما لم يثبت له صاحب سواه ، واليد على ضربين ، يد مشاهدة ، ويد حكمية ، فهذا يده عليه يد حكمية ، لأنّ كلّ واحد منهم نفى (٤) يده عنه ، وبقي يد من ادّعاه عليه يد حكمية ، ولو قال كل واحد من الجماعة في دفعة واحدة ، أو متفرقا هو لي ، لكان الحكم فيه غير ذلك ، وكذلك لو قبضه واحد من الجماعة ، ثم ادّعاه غيره ، لم يقبل دعواه بغير بيّنة ، لأنّ اليد المشاهدة عليه ، لغير من ادّعاه ، والخبر الوارد في الجماعة ، أنّهم نفوه عن أنفسهم ، ولم يثبتوا لهم عليه يدا لا من طريق الحكم ، ولا من طريق المشاهدة ، ومن ادّعاه له عليه يد من طريق الحكم ، فقبلنا دعواه فيه ، من غير بيّنة ، ففقهه ما حرّرناه ، وأيضا إنّما قال ادّعاه ، من حيث اللغة ، لأنّ الدعوى الشرعية ، من ادّعى في يد غيره ، عينا أو دينا.
وروى محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب ، عن الحسن بن مسكين ، عن رفاعة النخاس ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إذا طلّق الرجل امرأته ، وفي بيتها
__________________
(١) ج : لم أطّلع.
(٢) ج : فيه ألف.
(٣) الوسائل : الباب ١٧ من أبواب كيفية الحكم ، ح ١.
(٤) ج : كلّ واحد نفى.