قال محمد بن إدريس : قوله رحمهالله : الفيلة والدببة فيه كلام ، وذلك انّ كلّ ما جعل الشارع ، وسوغ الانتفاع به ، فلا بأس ببيعه ، وابتياعه لتلك المنفعة ، والا يكون قد حلل ، وأباح ، وسوّغ شيئا غير مقدور عليه ، وعظام الفيل ، لا خلاف في جواز استعمالها ، مداهن ، وأمشاطا وغير ذلك ، والدب ليس بنجس السؤر ، بل هو من جملة السباع ، فعلى هذا ، جلده بعد ذكاته ، ودباغه ، طاهر.
والرشا في الأحكام سحت وكذلك ثمن الكلب ، إلا كلب الصيد ، سواء كان سلوقيا ـ منسوب إلى سلوق ، قرية باليمن. أو لم يكن ، وكلب الزرع ، وكلب الماشية ، وكلب الحائط ، فإنّه لا بأس ببيع الأربعة كلاب ، وشرائها ، وأكل ثمنها ، وما عداها محرّم محظور ثمنه ، وثمن جلده ، سواء ذكي ، أو لم يذك ، لأنّه لا تحله الذكاة ، سواء كان كلب بر ، أو بحر ، فقد ذكر العلماء ، أنّه ما من شيء في البر ، إلا ومثله في الماء ، سواء نسب إلى اسم ، أو أضيف إليه ، لأنّ الكلب اسم جنس ، يتناول الوجوه كلّها والأحوال.
وقال شيخنا في نهايته : والرشا في الأحكام سحت ، وكذلك ثمن الكلب ، إلا ما كان سلوقيا للصيد (١).
فاستثنى السلوقي فحسب ، والأظهر ما ذكرناه ، لأنّه لا خلاف بيننا ، أنّ لهذه الكلاب الأربعة ، ديات ، وأنّه تجب على قاتلها ، وشيخنا فقد رجع في غير هذا الكتاب ، في مسائل خلافه (٢) ، عمّا ذكره في نهايته.
ثم قال في نهايته : وبيع جميع السباع ، والتصرف فيها ، والتكسب بها ، محظور ، إلا بيع الفهود ، خاصة ، فإنّه لا بأس بالتكسب بها ، والتجارة فيها ، لأنّها تصلح للصيد (٣).
__________________
(١) و (٣) النهاية : كتاب التجارة ، باب المكاسب المحظورة.
(٢) الخلاف : كتاب البيوع ، المسألة ٣٠٢ ـ ٣٠٥.