قال محمّد بن إدريس : قوله رحمهالله « فليوجب البيع على نفسه ثمّ يتصرّف » لا حاجة فيه ، ولا وجه له ، بل بنفس ، تصرفه ، يبطل خياره ، لأنّا قد بينّا فيما مضى ، أنّ تصرّف المشتري في مدّة الخيار ، لزوم للعقد ، وإبطال لخيرته ، وتصرّف البائع في مدة خياره ، فسخ للعقد ، فعلى هذا ، متى تصرّف فيه ، بطل خياره.
وقال شيخنا في نهايته : ومن اشترى شاة ، وحبسها ثلاثة أيام ، ثم أراد ردّها ، فإن كان شرب لبنها في هذه الثلاثة الأيام ، لزمه أن يردّ معها ثلاثة أمداد من طعام ، وإن لم يكن لها لبن ، لم يكن عليه شيء (١).
قال محمد بن إدريس : هذا لا يصحّ على إطلاقه في كلّ شاة تشترى ، بل في المصراة فحسب ، لأنّ غير المصراة ، متى حلب اللبن ، فقد تصرّف ، ومتى تصرف ، بطل خياره ، ولا يجوز له الرد ، فأمّا إن كانت مصراة ، وكان اللبن قائم العين ، ردّه بحاله ، وإن كان تالفا ، ردّ مثله ، لأنّه يضمن بالمثلية ، ولا يجب عليه ردّ ما قاله من الأمداد بحال ، وهذا مذهب شيخنا المفيد رحمهالله ، والذي تقضيه أصول المذهب.
وإذا باع الإنسان ما لا يصح عليه البقاء ، من الخضر ، وغيرها ، ولم يقبض المتاع ، ولا قبض الثمن ، ولا كان بيع النسية ، كان الخيار فيه يوما فإن جاء المبتاع بالثمن في ذلك اليوم ، وإلا فصاحبه بالخيار ، بين أن يفسخ البيع ، وبين مطالبة مشتريه بالثمن ، فإن هلك في مدّة اليوم ، فهو من ضمان بايعه ، كما قدّمنا ذلك في غير الحضر.
وإذا اختلف البائع والمشتري في ثمن المبيع ، وكان الشيء قائما بعينه ، كان القول قول البائع ، مع يمينه بالله ، وإن لم يكن قائما بعينه ، كان القول قول المبتاع ، مع يمينه بالله تعالى.
وقال بعض أصحابنا ، وهو أبو علي بن الجنيد ، وأبو صلاح ، صاحب
__________________
(١) لم نعثر عليه في النهاية.