لأنّ ذلك البيع لا بد له من الوصف ، الذي يتميز به من غيره ، فإذا عين الموضع ، ووصفها ، بطل السلف فيها ، لأنّها تصير بيع الأعيان ، والسلم بيع الذمم.
وقد رجع شيخنا عمّا ذكره في نهايته ، في مبسوطة ، فقال : ويجوز السلف في جلود الغنم إذا شاهدها ، وروي أنّه لا يجوز ، وهو الأحوط ، لأنّه مختلف الخلقة واللون ، ولا يمكن ضبطه بالصفة ، لاختلاف خلقته ، ولا يمكن ذرعه ، ولا يجوز وزنه ، لأنّه يكون ثقيلا ، وثمنه أقل من ثمن الخفيف ، قال رحمهالله : وعلى هذا لا يجوز السلف في الرق ( قال محمّد بن إدريس : الرق ـ بفتح الراء ـ جلود تعمل ، يكتب فيها ) ولا فيما يتخذ من الجلود ، من قلع ونعال مقدودة محذوّة ، وخفاف وغير ذلك ، لاختلاف خلقة الجلد ، ولا يمكن ضبطه بالصفة ، ويجوز السلف في القرطاس ، إذا ضبط بالصفة ، كما تضبط الثياب هذا آخر كلامه رحمهالله في مبسوطة (١).
وقال شيخنا أبو جعفر أيضا ، في مبسوطة : العلس ، صنف من الحنطة ، يكون فيه حبتان ، في كمام ، فيترك كذلك ، لأنّه أبقى له ، حتى يراد استعماله ، فيلقى في رحى ضعيفة ، فيلقى عنه كمامه ، ويصير حبا ، ( قال محمد بن إدريس : العلس بالعين غير المعجمة المفتوحة ، واللام المفتوحة ، والسين غير المعجمة ) ثم قال رحمهالله : القول فيه كالقول في الحنطة في كمامها ، لا يجوز السلف فيه ، إلا ملقى عنه كمامه ، لاختلاف الأكمام ، وكذلك القول في القطنية ، لا يجوز أن يسلف في شيء منها ، إلا بعد طرح كمامها عنها ، حتى يرى ، ولا يجوز حتى تسمى حمصا ، أو عدسا ، أو جلبانا أو ماشا ، وكل صنف منها على حدّته ، وهكذا كل صنف من الحبوب يوصف ، كما توصف الحنطة ، يطرح كمامها ، دون قشوره ، لأنّه لا يجوز أن يباع بكمامه (٢).
قال محمّد بن إدريس : القطنية بكسر القاف ، وسكون الطاء غير المعجمة ،
__________________
(١) المبسوط : كتاب السلم ، فصل فيما يجوز فيه السلف ، ج ٢ ، ص ١٨٩.
(٢) المبسوط : كتاب السلم ، ج ٢ ، ص ١٧٤.