ما يليه ربّ المال في العادة ، من نشر الثوب ، وطيّه ، وتقليبه ، على من يشتريه ، وعقد البيع ، وقبض الثمن ، ونقده ، وإحرازه في كيسه ، وختمه ، ونقله إلى صندوقه ، وحفظه ، ونحو ذلك ، ممّا جرت العادة بمثله ، وإن كان ذلك شيئا لا يليه ربّ المال في العادة ، مثل النداء على المتاع في الأسواق ، ونقله إلى الخان ، ومن مكان إلى مكان ، فليس على العامل أن يعمل بنفسه ، بل يكتري من يتولاه فإن القراض متى وقع مطلقا من غير اشتراط شيء من هذا ، وجب أن يحمل إطلاقه على ما جرت العادة ، كما نقول في صفة القبض (١) والتصرّف ، فإن خالف العامل ، فحمل على نفسه ، وتولّى من التصرّف ما لا يليه في العرف ، لم يستحق الأجرة على فعله ، لأنّه تطوّع بذلك ، فإن خالف واستأجر أجيرا يعمل فيه ما يعمله بنفسه ، كانت الأجرة من ضمانه ، لأنّه أنفق المال في غير حقّه.
إذا دفع إليه ألفين منفردين ، فقال له : خذهما قراضا ، على أن يكون الربح من هذا الألف لي ، وربح الآخر لك ، فالقراض فاسد ، لأنّ موضوع القراض على أن يكون الربح لكل جزء من المال بينهما.
إذا خلط الألفين ، وقال : ما رزق الله من فضل ، كان لي ربح ألف ولك ربح ألف ، كان جائزا ، لأنّ الألف الذي شرط ربحها ليست متميّزة ، وإنّما كانت تبطل لو كانت متميّزة ، مثل المسألة الاولى ، وذلك لا يجوز.
إذا غصب رجل مالا فاتّجر به ، فربح ، أو كان في يده مال أمانة ، أو وديعة ، أو نحوهما ، فتعدّى فيها ، واتجر ، وربح ، فلمن يكون الربح؟ قيل : فيه قولان.
أحدهما أنّ الربح كلّه لرب المال ، ولا شيء للغاصب ، لأنّا لو جعلنا الربح للغاصب ، كان ذلك ذريعة إلى غصب الأموال ، والخيانة في الودائع ، فجعل الربح لرب المال ، صيانة للأموال.
__________________
(١) ج : في القبض.