والقول الثاني ، أنّ الربح كلّه للغاصب ، لا حقّ لرب المال فيه ، لأنّه إن كان قد اشترى بعين المال ، فالشراء باطل بغير خلاف ، وإن كان الشراء في الذمة ، ملك المشتري المبيع ، وكان الثمن في ذمته بغير خلاف ، فإذا دفع مال غيره ، فقد قضى دين نفسه بمال غيره ، فكان عليه ضمان المال فقط ، والمبيع ملكه ، حلال له ، طلق ، فإذا اتّجر فيه ، وربح ، كان متصرّفا في مال نفسه ، فلهذا كان الربح له ، دون غيره ، ولا يكون ذريعة إلى أخذ الأموال ، لأنّ حسم ذلك بالخوف من الله تعالى ، والحذر ممّا يرتكبه من المعصية ويحذره من الإثم ، وهذا القول هو الصحيح الذي تقتضيه الأدلّة وأصول المذهب.
إذا قال : خذه قراضا ، والربح بيننا ، فالقراض صحيح ، لأنّ قوله بيننا ، معناه بيننا نصفين ، كرجل قال : هذه الدار بيننا ، أو بيني وبينك ، كان إقرارا بأنّها بينهما نصفين ، وجملته أنّ هاهنا ثلاثة عقود ، عقد يقتضي أنّ الربح كلّه لمن أخذ المال ، وهو القرض ، وعقد يقتضي أنّ الربح كلّه لربّ المال وهو البضاعة ، وهو أن يقول له : خذ هذا المال ، واتّجر به ، والربح كلّه لي ، وعقد يقتضي أنّ الربح بينهما ، وهو القراض ، فإذا قال : خذه واتّجر به ، صلح لهذه الثلاثة العقود ، قرض ، وقراض ، وبضاعة ، فإذا قرن به قرينة ، أخلصته إلى ما تدل القرينة عليه ، فإن قال : خذه ، واتّجر به ، والربح لك ، كان قرضا ، فان قال : خذه واتّجر به ، على أنّ الربح كلّه لي ، كان بضاعة ، فإن قال : خذه ، واتّجر به ، والربح بيننا ، كان قراضا ، لأنّ القرينة تدلّ عليه.
إذا اشترى العامل عبدا ، واختلف هو وربّ المال ، فقال العامل : اشتريته لنفسي ، وقال ربّ المال : بل اشتريته للقراض ، وبمال القراض ، فالقول قول العامل مع يمينه ، لأنّ العبد في يده ، وظاهر ما في يده أنّه ملكه ، فلا يقبل قول غيره في إزالة ملكه عنه.
فإن اختلفا فقال ربّ المال : اشتريته لنفسك ، وقال العامل : للقراض