باليد ، أو الخلوة أو الوطء ، فبطل أن يراد بها اللمس باليد ، لأنّ ذلك لم يقل به أحد ، ولا اعتبره ، وبطل أن يراد به الخلوة ، لأنّه لا يعبّر به عن الخلوة لا حقيقة ولا مجازا ، ويعبّر به عن الجماع بلا خلاف ، فوجب حمله عليه ، على أنّه أجمعت الصحابة على أنّ المراد بالمس في الآية الجماع ، روى ذلك عن ابن مسعود ، وابن عباس ، وروي عن عمر أنّه قال : إذا أغلق الباب ، وأرخى الستر ، فقد وجب المهر ، ما ذنبهن إن جاء العجز من قبلكم ، ومعلوم أنّ العجز من الزوج ، ولا يكون عن الخلوة ، ولا عن اللمس باليد ، ثبت أنّه أراد به الإصابة ، وأيضا قال تعالى في آية العدة ( ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ ) (١) ولم يفصّل ، وأيضا روايات أصحابنا ، قد ذكرناها في ذلك الكتاب المذكور ، وبيّنا الوجه فيما يخالفها ، والأصل أيضا براءة الذمة ، فمن أوجب جميع المهر على الرجل ، أو العدّة على المرأة بالخلوة (٢) فعليه الدلالة هذا آخر كلام شيخنا في مسائل خلافه.
والذي ذهب إليه رحمهالله في مسائل الخلاف ، هو الصحيح ، والحق الصريح ، للأدلّة التي استدل بها ، فإنّها أدلة مرضية لا اعتراض عليها ، وما ذكره في نهايته ، أورده إيرادا لا اعتقادا ، من طريق أخبار الآحاد ، وأخبار الآحاد لا تترك لها الأدلة القاطعة للأعذار.
ومتى مات أحد الزوجين قبل الدخول ، استقر جميع المهر كاملا ، لأنّ الموت عند محصّلي أصحابنا يجري مجرى الدخول في استقرار المهر جميعه ، وهو اختيار شيخنا المفيد في أحكام النساء (٣) ، وهو الصحيح ، لأنّا قد بيّنا ، بغير خلاف بيننا ، أنّ بالعقد تستحق المرأة جميع المهر المسمّى ، ويسقط الطلاق قبل الدخول نصفه ، فالطلاق غير حاصل إذا مات ، فبقينا على ما كنّا عليه من استحقاقه ، فمن ادّعى سقوط شيء منه ، يحتاج إلى دليل ، ولا دليل على ذلك من إجماع ،
__________________
(١) الأحزاب : ٤٩.
(٢) الخلاف : كتاب الصداق ، المسألة ٤٢.
(٣) لم نعثر عليه.