لأنّ أصحابنا مختلفون في ذلك ، ولا من كتاب الله تعالى ، ولا تواتر أخبار ، ولا دليل عقل ، بل الكتاب قاض بما قلناه ، والعقل حاكم بما اخترناه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : ومتى مات الرجل عن زوجته قبل الدخول بها ، وجب على ورثته أن يعطوا المرأة المهر كاملا ، ويستحب لها أن تترك نصف المهر ، فإن لم تفعل كان لها المهر كلّه ، وإن ماتت المرأة قبل الدخول بها ، كان لأوليائها نصف المهر ، وإن ماتت بعد الدخول بها ، ولم تكن قبضت المهر على الوفاء ، ولا طالبت به مدة حياتها ، فإنّه يكره لأوليائها المطالبة بعدها ، فإن طالبوا به ، كان لهم ذلك ، ولم يكن محظورا (١).
وهذه أخبار آحاد أوردها رحمهالله في نهايته إيرادا لا اعتقادا ، فلا يرجع عن الأدلة القاهرة اللائحة ، والبراهين الواضحة ، بأخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا.
ومتى تزوّج الرجل امرأة على كتاب الله وسنة نبيه ، ولم يسمّ مهرا ، كان مهرها خمسمائة درهم ، لا غير.
فإن تزوّج الرجل امرأة على حكمها ، فحكمت بدرهم إلى خمسمائة درهم ، كان حكمها ماضيا ، فإن حكمت بأكثر من ذلك ، ردّ إلى الخمسمائة درهم ، لأنّه حكمها ، فلا تتعدّى السّنة ، وهذا إجماع من أصحابنا.
وإن تزوّجها على حكمه ، فبأيّ شيء حكم به كان له ، قليلا كان أو كثيرا.
فإن طلّقها قبل الدخول ، بها ، وكان قد تزوّجها على حكمها ، كان لها نصف ما تحكم به إلى خمسمائة درهم ، وإن كان قد تزوّجها على حكمه ، كان لها نصف ما يحكم به الرجل ، قليلا كان أو كثيرا.
وقد روي أنّه إذا مات الرجل ، أو ماتت المرأة قبل أن يحكما في ذلك
__________________
(١) النهاية : كتاب النكاح ، باب المهور وما ينعقد به النكاح.