المرتضى في انتصاره (١).
وشيخنا أبو جعفر محجوج بقوله في مسائل خلافه ، فإنّه رجع عمّا ذكره وأطلقه في نهايته ، فقال : مسألة ، إذا سمّى الصداق ودخل بها قبل أن يعطيها شيئا ، لم يكن لها بعد ذلك الامتناع من تسليم نفسها حتى يستوفى ، بل لها المطالبة بالمهر ، ويجب عليها أن تسلّم نفسها ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : لها أن تمتنع حتى تقبض المهر ، لأنّ المهر في مقابلة كلّ وطء في النكاح ، دليلنا أنّ البضع حقّه ، واستحقه ، والمهر حقّ عليه ، وليس إذا كان عليه حقّ جاز أن يمنع حقّه ، لأنّ جواز ذلك محتاج إلى دليل (٢) هذا آخر كلامه رحمهالله.
ومتى لم يقم الرجل بنفقة زوجته وكسوتها وسكناها ، وكان متمكنا من ذلك ، ألزمه الإمام النفقة والقيام بجميع ذلك ، أو الطلاق ، فإن لم يكن متمكنا انظر ، حتى يوسّع الله عليه ، على الأظهر من أقوال أصحابنا ، وقال بعضهم : يبينها الحاكم منه ، والأول هو المذهب ، لأنّ الله تعالى قال « وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ » (٣) وذلك عام في جميع الأشياء ، والأحكام.
إذا أصدقها تعليم سورة ، فلا بدّ أن يعينها ، وكذلك الآية لا بدّ من تعيينها ، فإن لم يعيّن السورة والآية ، كان لها مهر المثل بعد الدخول.
فإذا ثبت وجوب تعيين السورة والآية ، فلقنها فلم تحفظها منه ، أو حفظتها من غيره ، فالحكم واحد. وكذلك إن أصدقها عبدا ، فهلك قبل القبض ، فالكلّ واحد ، فإنّ لها عندنا بدل الصداق ، وهو اجرة مثل تعليم السورة ، وقيمة العبد ، لأنّه إذا أصدقها صداقا ، ملكته بالعقد ، وكان من ضمان الزوج إن تلف قبل القبض ، ومن ضمانها إن تلف بعد القبض ، فإن دخل بها استقر ، وإن طلّقها قبل الدخول رجع بنصف العين ، دون نمائها إن كان لها نماء.
إذا قال : أصدقتها هذا الخل ، فبان خمرا ، كان لها قيمتها عند مستحليها ،
__________________
(١) الانتصار : كتاب النكاح ، المسألة ١٦.
(٢) الخلاف : كتاب الصداق المسألة ٣٩.
(٣) البقرة : ٢٨٠.