يخالف فيها من وافق في أصول الإمامية ، ومن خالف في أصولهم كفر بذلك.
فإن قيل : أفلستم تكفرون من خالفكم من خالف في صغير فروع الشرعيات وكبيرها؟ فكيف يكفر المخالف بما لا يكفر به الموافق؟
قلنا : نحن لا نكفر مخالفنا إذا خالف في فرع لو خالف فيه موافق من أصحابنا لم نكفره ، وإنّما نكفر المخالف في ذلك الفرع بما ذهب إليه من المذاهب التي تقتضي تكفيره ، مثال ذلك : أنّ من خالف من أصحابنا وقال : إنّ الولد الحر من المملوكة مملوك إذا لم يشترط ، لم يكن بذلك كافرا ، وكان هذا القول باطلا ، وكذلك المخالف لنا في الأصول إذا خالف في هذه المسألة وقال : إنّ الولد مملوك وهذا مذهبكم لا يكون بهذا القول بعينه كافرا ، وانّما نكفره على الجملة بما خالف فيه مما يقتضي الأدلة أن يكون كفرا (١). هذا آخر كلام السيد المرتضى ، احتجنا أن نورد المسألة والجواب على وجههما لنبيّن مقصودنا من ذلك ، وهو قوله : « مثال ذلك أنّ من خالف من أصحابنا وقال : إنّ ولد الحر من المملوكة مملوك إذا لم يشترط ، لم يكن بذلك كافرا ، وكان هذا القول باطلا » فدلّ على أنّ الولد حرّ إذا كان أبوه حرا ، وامّه مملوكة ، وكان الوطء حلالا مباحا ، وارتفع الشرط ، سواء كان هذا الوطء بعقد أو إباحة المولى ، لأنّ إطلاق كلام السيد المرتضى يقتضي ذلك ويدلّ عليه ، فدلّ على أنّه إجماع منعقد من أصحابنا.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي في الجزء الخامس من المبسوط ، في فصل في حدّ القاذف (٢) : إذا قذف رجلا ثمّ اختلفا ، فقال القاذف : أنت عبد ، فلا حدّ عليّ ، وقال المقذوف : أنا حرّ ، فعليك الحدّ ، لم يخل المقذوف من ثلاثة أحوال : إمّا يعلم أنّه حرّ ، أو عبد ، أو يشك فيه ، فإن عرف أنّه حرّ ، مثل أن علم ان أحد أبويه حرّ عندنا ، أو يعلم أنّ امه حرّة عندهم وإن كان عبدا فأعتق فعلى
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة ، مسألة ٤٤ عدم تخطئة العامل بخبر الواحد ص ٢٧١ ـ ٢٧٢.
(٢) وفي المصدر : حد القذف.