فإن كانت امه حرة واختارت رضاعه ، كان لها ذلك ، وإن لم تختر فلا تجبر على رضاع ولدها ، فإن طلبت الأجر على رضاعه وكانت في حبال أبيه غير مطلّقة منه طلاقا لا رجعة فيه ، فلا تستحق أجرا ، ولا ينعقد بينها وبين زوجها عقد إجارة ، لأنّ منافعها في كلّ وقت مستحقة للزوج بعقد النكاح ، فيما يرجع إلى أحكام الوطء وتوابعه ، على ما قدّمناه في باب الإجارة (١) وحرّرناه ، وإن كانت مطلّقة طلاقا لا يملك الزوج الرجعة فيه ، فلها أن تعقد على نفسها لرضاع ولدها ، وسيجيء بيان ذلك.
وقد روي (٢) أنّه إن كانت امه جارية ، جاز أن تجبر على رضاعه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : وإن طلبت الحرة أجر الرضاع ، كان لها ذلك على أب الولد ، فإن كان أبوه مات ، كان أجرها من مال الصبي (٣).
وأطلق ذلك إطلاقا.
وقال في مسائل خلافه ، في الجزء الثالث في كتاب الرضاع : مسألة ، ليس للرجل أن يجبر زوجته على الرضاع لولدها ، شريفة كانت أو مشروفة ، موسرة أو معسرة ، دنية أو نبيلة ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي ، وقال مالك : له إجبارها إذا كانت معسرة دنية ، وليس له ذلك إذا كانت شريفة موسرة ، وقال أبو ثور : له إجبارها عليه على كلّ حال ، لقوله تعالى ( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ) (٤) وهذا خبر معناه الأمر ، فإذا ثبت وجوبه عليها ، ثبت انه يملك إجبارها ، لانه إجبار على واجب ، دليلنا أن الأصل براءة الذمة ، والإجبار يحتاج الى دليل ، والآية محمولة على الاستحباب ، وعليه إجماع الفرقة ، وأخبارهم ، تشهد بذلك.
__________________
(١) راجع ص ٤٧١ من الكتاب.
(٢) الوسائل : الباب ٦٨ من أبواب أحكام الأولاد ، ح ١.
(٣) النهاية : كتاب النكاح ، باب الولادة والعقيقة ..
(٤) البقرة : ٢٣٣.