وإن كانت له جارية فوطأها ووطأها غيره بعده فجورا ، كان الولد أيضا لا حقا به ، لم يجز له نفيه إذا اشتبه عليه الأمر ، فإن نفاه لا يجب عليه اللعان.
وقد روي (١) أنّه إذا اشترى الرجل جارية حبلى ، فوطأها قبل أن يمضي لها أربعة أشهر وعشرة أيام ، فلا يبيع ذلك الولد ، لأنّه غذّاه بنطفته ، وكان عليه أن يعزل له من ماله شيئا ، ويعتقه ، وإن كان وطؤه لها بعد انقضاء الأربعة الأشهر والعشرة الأيام ، جاز له بيع الولد على كلّ حال ، وكذلك إن كان الوطء قبل انقضاء الأربعة الأشهر والعشرة الأيام ، غير أنّه يكون قد عزل عنها ، جاز له بيع ولدها على كلّ حال ، ذكر ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته ، وأورده (٢).
والذي يقتضيه أصول مذهبنا ، أنّ له بيعه على كلّ حال ، لأنّه ليس بولد له بغير خلاف ، وهذه الرواية لا يلتفت إليها ، ولا يعرج عليها ، ولا يترك لها الأدلة القاهرة ، والبراهين الظاهرة ، لأنّا قد بيّنا أنّ أخبار الآحاد لا توجب علما ولا عملا.
ولا يجوز للرجل أن ينفي ولد جارية أو امرأة له يتهمهما بالفجور ، بل يلزمه الإقرار به على ما قدّمناه وانّما يسوغ له نفيه مع اليقين والعلم.
إذا طلّق الإنسان امرأته واعتدّت ، ثمّ أتت بولد لأكثر من ستة أشهر من وقت انقضاء العدّة ، لم يلحقه إذا كانت العدّة بالشهور الثلاثة ، لأنّا قد دللنا على أنّ زمان الحمل لا يكون أكثر من تسعة أشهر على الصحيح من الأقوال ، فإن كانت قد تزوجت بعد مضي الثلاثة الأشهر ، ودخل بها الثاني ، وجاءت بولد ، ألحقناه بالثاني ، على ما حرّرناه فيما مضى وشرحناه.
__________________
(١) الظاهر أنها موثقة إسحاق بن عمار [ المروية في ١ / ٩ من أبواب نكاح العبيد والإماء من الوسائل ] إلا أنّها ليس فيها تقييد بما قبل مضى أربعة أشهر وعشرة أيّام ، ولعلّ التقييد به من ناحية الجمع بينها وبين صحيحة رفاعة بن موسى [ المروية في ٣ / ٨ من الأبواب المذكورة ] فراجع.
(٢) النهاية : كتاب النكاح ، باب إلحاق الأولاد بالآباء.