مسألة [في القدرة والإرادة]
قال أرشده الله : قالت الزيدية العبد يسير ويجيء ويذهب بقدرته وإرادته دون قدرة الله تعالى وإرادته قال : وذلك باطل لقوله تعالى في قصة يوسف : (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) [يوسف : ١٠٠] فأضاف المجيء والخروج إلى الله سبحانه ، وقوله : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [يونس : ٢٢] فأضاف المسير إليه إلى ما يشاكل ذلك من آيات القرآن الكريم.
اعلم : أن الجواب عن هذه المسألة قد تقدم في المسألة الأولى ، ولا معنى لترداده ، وإنما نذكر ما تعلق به من الآيات الشريفة كشفا واضحا.
وأما قوله : إن العبد يسير بنفسه ويجيء ويذهب ؛ فذلك مذهب الزيدية والعدلية بالدليل الصحيح ، وقد قال تعالى : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) [التوبة : ٤١] ، وقال : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) [التوبة : ١٢٢] ، فلو لا كان ذلك فعله لما أمرهم به كما قدمنا في المسألة الأولى ، ولو لا ذلك لما كان بعض المجيء والذهاب طاعة وبعضه معصية ، وبعضه حسنا ، وبعضه قبيحا ، إذ فعل الباري تعالى مستوفي باب الحسن كما قال تعالى : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) [الملك : ٣] ، يريد في باب الحكمة والمصلحة ، ولو كان فعل العباد فعل الله ومراده لم يكن كما قدمنا ، ولو أراد فعلهم ولو لم يخلقه لكانوا مطيعين في المعاصي ؛ لأن الطاعة فعل ما أراد المطاع ، وذلك لم يقل به أحد من المسلمين أن العاصي مطيع لله في عصيانه.
فأما قوله تعالى في قصة يوسف عليهالسلام : (أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) [يوسف: ١٠٠] ، فإنما أضاف ذلك إلى الله سبحانه لكونه بألطافه وتوفيقه