القدرية ، واعتراضا على العصابة الزيدية ، وجاءت إلينا في حال أشغال عارضة بتدبير الرعية ، ومنابذة الجنود من ظلمة البرية ، ولم يكن فيها ما يكسر ركن الدلالة ، فنبادر إلى حلها ، ولا يهزم جند المقالة فنشمر لفلها ، فلما وردت المطالعات الشريفة من الشريف الأمين من الشيخ المكين ظهير الدين مفضل بن منصور بن أبي رواح مستدعية لم نر إلا التلبية على تراكم الأشغال ، فأوردنا المسائل مستوفين ، وأجبنا مختصرين ، ونرجو أن يكون فيما نذكر كفاية لمن رضع خلف الهداية ، ومن الله سبحانه نستمد المعونة والتوفيق ، ونستوهب الهداية للتحقيق ، والصلاة على محمد وآله.
المسألة الأولى [في العلم]
قال السائل تولى الله إرشاده : إن العلم عندهم على وجهين : علم ضروري ، وعلم استدلالي ؛ فالضروري ما حصل من غير اكتساب ولا استدلال ، قال : والكلام عليهم هو أنه لو كان كما قالوا لما جاز تعريفه بالحقائق والحدود ، وتعليمه التلامذة بالتصوير والاستدلال ، قال : وقد علمنا أن العبد يولد ، وكذلك في سنين التربية لا يعرف شيئا من الضروريات ، قال : وقد قال تعالى في قصة الملائكة : (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) [البقرة: ٣٢] ، وقال تعالى : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) [النحل : ٧٨].
__________________
رضا ، فقال الجميع : ما وصلنا إلا لنعجم عود مخبرك ، ونستقصي غاية خبرك ، ونأخذ في أمر ديننا باليقين ، ونستوضح سبيل الحق المبين ، فانصت لسؤالنا ، واصغ لمقالنا ، وارفع عنا المنقود في هذا الباب ، وهو مرفوع في هذا الأمر عند ذوي الألباب ؛ فقال : اسألوا عما أحببتم ، وبالله لا أخرتم شيئا من مسائلكم ولا كتمتم ؛ فانحل قيد المحاباة ، وخرجنا إلى باب التعنت والمعاياة ، فسأل كل من الجماعة المذكورين وغيرهم عن مسائل من غوامض العلوم قد أعدت لليوم المعلوم وأغرقوا في البحث عما لا يفهمه إلا الأئمة السابقون والعلماء المحققون ، والإمامعليهالسلام يوضح لهم السبيل ويحقق لهم الدليل حتى إذا أوعت مسائلهم وحصر مسائلهم قالوا مجتمعين : نشهد أنك إمام الخلق أجمعين ، فبايعوا أجمعون.