الرابع والعشرون [في الحقوق التي للإمام في بلد لا يقدر على إنفاذ الأحكام على أهلها]
قالوا أيدهم الله : ما ترى في بلد نائية عن الإمام أو قريبة ، إلا أنه لا يقدر على إنفاذ الأحكام على أهلها ، ويخشى من عليه الحقوق الواجبة التي أمرها إلى الإمام لغلبة أهل الظلم هل يجب إخراجها سرا إذا تمكن منه إلى الإمام أو واليه ، أو يجوز له إخراج ذلك إلى من يستحقه من غير إذن الإمام؟
قالوا أيدهم الله : وإن جاز هل يكون إجماعا أو على خلاف بين أهل العلم ، وهل يجوز له إخراج ما يجب عليه من غير إذن الإمام ومن غير خشية إظهار الإمام عند أحد من العلماء في البلد التي لا قدرة للإمام عليها أم لا؟
الجواب عن ذلك وبالله التوفيق : أن الواجب على من بعد عن الإمام وقرب وغلبت عليه الظلمة أو غلب على نفسه الوقوف على رأي الإمام في نفسه وماله وطاعته في جميع أحواله ، ولا نعلم في ذلك خلافا بين العلماء ؛ وإنما يقع الخلاف في جنس واحد في حقوق الأموال فمنهم من خالف في الذهب والفضة وما جانسها ؛ وسبب ذلك قلة هذا الجنس في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والظاهر من قول العترة الطاهرة عليهمالسلام إن الواجب صرف الحقوق إلى الإمام من جميع الأموال ، وقد طلبها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما في حديث العباس وخالد بن الوليد ، وسؤال العمال لهما زكاة أموالهما وهي ذهب وفضة وتجارة ، ولم يسألوا إلا ما علموا أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يطلبه.
أما كون البلد خارجة عن طاعة الإمام فليس عصيان أهلها يسقط أحكام الله سبحانه فيها.
وأما في الحبوب والمواشي فلا نعلم خلافا في ذلك.