وقال قوم آخرون : إن في هذه الأرض شيئا من الوقف ولم يتميز له الوقف من غيره وربما يأتي من يدعي الوقف ببينة عادلة تشهد عن شهادة من ليس بعدل؟
الجواب عن ذلك : أن كل أرض التبست الأملاك فيها ولم يتميز بعضها من بعض ولا وقعت لمدعي الملك بينة عادلة إن هذه الأرض تلحق ببيت المال وأمرها إلى إمام المسلمين إن كان ، وإلا فإلى جماعة المسلمين تنصب رجلا يمضي فيها رأيه بما يعود على المسلمين صلاحه.
وأما دعوى من يدّعي الوقف وله بينة عادلة يشهد عن شهادة من ليس بعدل فلا تصح هذه الدعوى ، وتكون الأرض جميعا بيت مال ، فاعلم ذلك موفّقا.
المسألة الثانية [في عين ماء لا بينة في امتلاكها]
في عين استبق إليها رجلان وهي عند حصن وقرية من قرى المسلمين ، وكل واحد منهما يعمل ويريد العين لنفسه ، ثم استولى عليها أحدهما بالقوة وطرد الآخر وكل واحد منهما يدعي أنها له والذي استولى عليها يقول : إن جده كان قد عملها قبل ذلك ، وليس له بينة على ذلك إلا قول من ليس بثقة؟
الجواب عن ذلك : أن العين هذه لا تخلو إما أن تكون إسلامية أو جاهلية فإن كانت جاهلية ، فهي لمن سبق إليها ، وإن كانت إسلامية فليست لواحد منهما إذ مرجعها لبيت المال ، فإن ادّعى مدع أنها لجده كان عليه بيّنة تتصل بجده ، صورة ذلك أن تقوم البينة بأنها لجده مات عنها وخلفها لولده إلى أن انتهى الشهود والبينات متصلة بهذا الحي وإلا فلا حكم له ، فاعلم ذلك موفقا.