إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) [الحجرات : ٩] ، فأما هؤلاء القوم ففساق من الأصل خارجون عن حكم البغاة لو كان رأينا في البغاة ، ما تقرر في الكتب عن الأكثر من السلف سلام الله عليهم ، ولكن رأينا في البغاة أن للإمام نظره فيهم وهو مخير في إتلاف النفوس والأموال والمنازل ، والترك فإن عليا عليهالسلام لم يهدم منازل أهل البصرة لبغيهم ، وهدم منازل جرير بن عبد الله البجلي (١) وغيره لدون جرمهم ، وهي أمور ملتبسة على من قلّت معرفته بمعاني العلم إلا أهل الاجتهاد فلا ينتقد عليهم في اجتهادهم ؛ فإذا كان في الوقت إمام وحكم بحكم وجب عليهم التزامه ، وإن خالف اجتهادهم كما تقدم في نفوسهم وغيرهم ، فتفهّم ذلك موفقا.
فصل
قال أرشده الله : هب أن الزيدية شرعت هذا في من لا يقول بقولها ويرى برأيها ، قال: فما العذر في أخذ الزيدية أرض تهامة وأكثرهم شرف ، وقسمة أموالهم؟ قال : بين الغزو وهتك حرمهم ورضا إمامهم بذلك ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه» (٢) وفي الشرف
__________________
(١) جرير بن عبد الله بن مالك بن نصر البجلي القسري ، أبو عمرو ، وقيل : أبو عبد الله. روى عن النبي وعمر ومعاوية ، وعنه : أبناؤه : أيوب وعبد الله والمنذر وإبراهيم وأنس بن مالك وغيرهم. قالوا : كان إسلامه في السنة التي توفي فيها النبي ، وابتنى دارا بالكوفة في بجيلة. قالوا : واعتزل علي ومعاوية بالجزيرة ونواحيها!! وقالوا : إنه انتقل من الكوفة إلى قرقيسيا. وقال : إنه لا يقيم في بلدة يشتم فيها عثمان!!! توفي سنة ٥٦ ه ، وقيل : سنة ٥٤ ه ، وقيل : سنة ٥١ ه.
(٢) هو في موسوعة أطراف الحديث ص ٣٦٣ ـ ٣٦٤ بألفاظ متقاربة وعزاه إلى أحمد بن حنبل ٥ / ٧٢ ، والبيهقي ٦ / ١٠٠ ، والدار قطني ٣ / ٢٦ ، ومجمع الزوائد ٤ / ١٧٢ ، وتلخيص الحبير ٣ / ٤٥ ، والتمهيد لابن عبد البر ١ / ٢٠٢ ، ١٠ / ٢٣١ ، وهو في كنز العمال برقم (٣٩٧) ، وفي كشف الخفاء ٢ / ٩٦.