فقد رأيت كيف جوّز الدعاء لهم.
وعند الزيدية جميعا الدعاء في الصلاة جائز ، وإن بعضهم قال بأدعية القرآن ، نحو قوله تعالى : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) [البقرة : ٢٠١] وما جانسها من الآيات ، ومنهم من قال يجوز ذلك.
والتبرك من الدعاء والمسنون نحو قوله : اللهم تولني فيمن توليت وعافني فيمن عافيت إلى آخره وما شاكله ، فتفهم ذلك راشدا ، وداو بالبرهان قلبا فاسدا.
مسألة [في قوله تعالى : قال اللهم مالك الملك ..]
ثم سأل بعد ذلك عن معنى قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران : ٢٦] ثم تكلم على الآية إثباتا ونفيا.
الجواب عن ذلك : إن التعرض بالكتاب العزيز زاده الله عزا وشرفا لا يجوز إلا بعد معرفة ، واستدللنا بكلامه على أنه منها عاطل ، ونحن نذكر تلك الأمور على سبيل الجملة الذي يحتمله الكتاب.
قلنا : لا بد أن يكون عارفا باللغة ؛ لأن الكتاب العزيز كما قال تعالى : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء : ١٩٥] وهذان النوعان عماده ، ولا بد أن يكون عارفا بتوحيد الله سبحانه إثباتا ونفيا ، وما يجوز عليه وما لا يجوز ، وما يجوز أن يفعله وما لا يجوز أن يفعله ، فإذا عرف ذلك صح منه الكلام له ، وجاز له التعرض وجوابه : أنا نسأله ما هو؟ فإن فسره بما هو من فعل الله أو بما يجوز أن يفعله.