مسألة [في مصير أموال من قتلته سرايا الإمام]
فيمن قتل من المسلمين قتله سرايا الإمام في بلدة ثم انتهوا إلى بلدة وأخذوها ولا نعلم على المقتول شيئا من الحقوق الواجبة هل يحل أخذ ماله ، أو يكون لورثته ، أو لا يحل؟
قال : فإن قيل بجوازه فكيف وقد انتقل المال إلى غيره من الأيتام الصغار الذين لم يشهدوا الحرب ولا أعانوا ظالما ، وقد قال تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) [النساء : ١٠] ، وإن قيل : إنه لم ينتقل من ملك الميت ، واحتج محتج بما ذكره الهادي عليهالسلام في أبواب الزكاة فإنما ذلك لانتظار حمل أو دين على وجه الحيطة ، والمشهور عن أمير المؤمنين ما رواه المؤيد بالله في أبواب الزكاة من انتقاله إلى الورثة ، وأمره التجارة في أموال الأيتام لأن لا تأكله الزكاة ، فصح انتقال المال إلى الأيتام.
الجواب عن ذلك : إن العسكر إذا قتل قوما كما جوّز السائل أن المال ينتقل إلى الوارث لا مانع من انتقاله إلى العسكر دون الوارث ؛ كما أن ولد الكافر بمنزلة ولد المسلم في أنه لا ذنب له ، ولا أخذه بجرم والده عقوبة عند أهل العلم والتحصيل ، لأن استرقاقنا لولد الكافر محنة له وعقوبة لأبيه ، فكذلك أخذ مال الفاسق عقوبة له ومحنة لولده.
وأما قول تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) [النساء : ١٠] ، فحق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولكنه والحال هذه لا يكون ظلما وإنما هو مستحق للمسلمين المحقين ، وإن رأى الإمام أو أمير العسكر تركه للأيتام جاز ذلك ، وإن رأى ترك أموال العصاة لهم فكذلك فأي ذلك فعل فلا حرج ولا ضير ، والكلام في انتقال الملك وما بنى عليه قد تقدم جواب ذلك فتفهّمه موفقا ، وخلاف المسألة في أنه هل ينتقل إلى الوارث بالموت أو الحكم على ما قدمنا.