وروى محمد بن منصور في علوم آل محمد صلوات الله عليه وعليهم أن زيد بن عليعليهالسلام كان يتوضأ ويشرب من سور بغله ، وكذلك حديث الهر وأن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم كان يصغي لها الإناء (١) ، ولما سئل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الحياض بين مكة والمدينة تردها السباع فقال : «لها ما حملت في بطونها ، وباقيه لنا طهور» (٢) وأقل أحوال العاقل المميز ممن قد عرف الإسلام ، وفشى فيه أمره أن يكون احترز من هذه البهائم والسباع ، ولا يكون للظن فيما هذا حاله حكم ، فإن عاين الإنسان نجسا لزمه الاحتراز منه ، وإن لم يعاين سقط ، حكم غلبة الظن هاهنا لأن الأصل الطهارة ، فلا يزول الحكم إلا بيقين.
مسألة
في الأرض التي يقع في موضع منها نجس ، ثم يلتبس ذلك الموضع بغيره ، كيف يكون الحكم في ذلك ؛ هل يجب تجنبها جميعا ، أم يسقط حكم ذلك النجس ، أم يجب التحري في ذلك والعمل بمقتضاه ، وإذا لم يمكن التحري واستوى عنده الجميع ما الواجب؟ وهل بين أن تكون الأرض كثيرة أو قليلة فرق في ذلك أم لا فرق بينها؟
الجواب عن ذلك : أن النجاسة لا تخلو إما أن تعم نصف الأرض التي وقع
__________________
(١) أخرجه أحمد بن حنبل ٥ / ٢٩٦ : أن أبا قتادة كان يصغي الإناء للهر فيشرب ، وقال : إن رسول الله حدّثنا : أنها ليست بنجس. إنها من الطوافات عليكم. وهو في (كنز العمال) بلفظ : «كان يصغي للهرة الإناء فتشرب ثم يتوضأ بفضلها» وعزاه إلى الطبراني في (الأوسط) عن عائشة ، وبلفظ : «كان يصغي إلى الهر الإناء» عزته الموسوعة إلى الدار قطني ١ / ٧٠ ، وبلفظ : «كان يصغي لها الإناء» عزاه إلى حلية الأولياء ٩ / ٣٠٨ ، وانظر موسوعة أطراف الحديث ٦ / ٢٦٨.
(٢) حديث : لها ما حملت في بطونها / أخرجه ابن ماجة برقم (٥١٩) ، عن أبي سعيد الخدري : أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباع والكلاب والحمر ، وعن الطهارة منها؟ فقال : «لها ما حملت في بطونها ولنا ما غبر (بقي) طهور» ، وأخرجه عبد الرزاق في مسنده ولفظ رسول الله فيه : «لها ما حملت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور» ، وهو في (موسوعة أطراف الحديث النبوي) ٦ / ٧٢٥ ، وعزاه إلى من سبق ، وإلى تفسير القرطبي ١٣ / ٤٥ ، ١٥ / ٢٣١ ، وذكره بألفاظ أخرى في مصادر أخر.