أن يقولوا به يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ، وهل الغفلة عذر في حق رب العالمين ، وما يجب أن يقع فيه النظر من أصول الدين ، ولو لا غفلتهم عن الفكر لاعترفوا بربوبية رب العالمين ، ولشهدوا كما شهد الماء المهين.
قوله تعالى : (أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) [الأعراف : ١٧٣] وهذا الفصل لاحق بالأول ، لأنهم اعتذروا بالأول بالغفلة عن النظر فيما يوجب الاعتراف ، وفي هذا تقليد الآباء والأسلاف ، الشرك إضافة فعل الله إلى غيره وإضافة فعل غيره إليه ، والآباء معروفون وقد تقدم معنى الذرية ، والهلاك التلف أو ما يؤدي إليه أو يقرب منه ، وأصله السقوط ، المبطل نقيض المحق ، وأصل البطلان الذهاب ، ومن فعل لغير الله سبحانه بطل سعيه.
فإذا كانت الحال هكذا كان الواجب على المسلم وطالب النجاة أن ينظر في الأدلة والبراهين ، ويميز بين أقوال المختلفين ، ليقع من أمره على عين اليقين ، ولا يقلد الآباء السالفين ، ولا من أنس به من العالمين ، فلا بد من يوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين ، فيتبرأ فيه القرين من القرين ، والآباء والأمهات من البنات والبنين ، والمتبوعين من التابعين ، ولا ينفع الإنسان إلا ما ادخر من الأعمال الصالحة التي هي زاد المتقين ، وهذا ما اتفق من الجواب ، وقد قال غيرنا : الذرية أخرجت على صورة الذر وشهدت ، وليس ذلك عندنا بشيء والسلام.
[المسألة الخامسة في الماء]
المسألة الخامسة تلحق بذلك : في الماء الذي تنجس أجزاؤه أولا فأولا ثم تجتمع بعد ذلك.