تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) [الأعراف : ١٧٢ ، ١٧٣].
الجواب وبالله التوفيق : أن الأمر في كتاب الله عظيم ، والتعرض به شديد ، ولو لا أن الله تعالى جعلنا ورثته وفهمنا غرائبه ما تعرضنا به إذ هو بحر لا تقطعه الألواح إلا بريح التوفيق من الله سبحانه والهداية نسأل الله العون قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) [الأعراف : ١٧٢] ، الأخذ يقتضي الترك والرب المالك وهو سبحانه مالكنا من كل وجه بالقدرة والإحسان والاستحقاق ، فآدم أبو البشر وفي تسميته وجهان : أحدهما خلقه من أديم الأرض ، والثاني لونه وتحسينه له إلى خلقه بالحلاوة ، والظهور معروفة ، والذرية أولاد الرجل ذكورا كانوا أو إناثا وأعقابهم ما تناسلوا ، وأصل الذرية الذر وهو تفريق الحب وغيره بعد اجتماعه ومنه سميت الرياح ذاريات لأنها تذرّ الرمال والتراب وغيرها تفرقها بعد اجتماعها وهكذا ذرية الرجل كأنها مجتمعة في صلبه ففرقها في الأرحام أو في الرحم شيئا بعد شيء.
وقوله تعالى : (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) [الأعراف : ١٧٢] ، الابتهال هاهنا بلسان الفعال دون المقال ، وكذلك الجواب لما أخرج النطفة من الصلب وهو الظهر إلى الرحم رقيقة مهينة حقيرة منتنة ليس فيها شيء من آثار الخلقة ، أشهدها على نفسها أنه الخالق المصور ، فخلقها بمعنى قدرها وبرأها بمعنى أوجدها وصورها ما شاء من زيادة ونقصان ، وخفة ورجحان ، فلو خلقت للنطفة والحال هذه لسان واقدرت على النطق لشهدت له سبحانه بالربوبية ، واعترفت بالعبودية ، شهادة حقيقة.
قوله تعالى : (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) [الأعراف : ١٧٢] في الكلام حذف تقديره إذا كان الأمر في الذرية من الظهور ما قدمنا ، فما الموجب