وأما قوله تعالى : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الزمر : ٦٢] فالمراد بذلك مما لم يقدر عليه العباد لأن الآية وردت مورد التمدح ، ولا يجوز إدخال أفعال العباد في ذلك لأن في أفعالهم قبيح لا يجوز أن يفعله تعالى ، كسب أنبيائه عليهمالسلام وقتلهم ، وتكذيب رسله ، والفرية عليه ، كما قال تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [الزمر : ٦٠] ومن أفعالهم حسن يجب إثابتهم عليه ، فلو كان من فعله لما استحقوا عليه ثوابا كما لم يستحقوا على صورهم وألوانهم ، فهذا ما تيسر من الجواب ، فتفهمه موفقا أرشدك الله.
مسألة [في خلق الأفعال]
قال أرشده الله : قالت الزيدية : إن العباد هم الخالقون لأفعالهم دون الله ، وزعموا أن الله يكره بعضها ويحب بعضها ، فيكون في ملكه ما يكره تعالى الله عن ذلك وهو جبار الجبابرة ملك الدنيا والآخرة ، قال وذلك باطل لقوله : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) [الأعراف: ٥٤] ، وقوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) [الصافات : ٩٦] وقوله : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الزمر : ٦٢] وقوله : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) [الفرقان : ٢] ، وقوله : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧] إلى غير ذلك.
قال : فأما ما يذكرون من نسبتها إليهم بآيات القرآن الكريم ، قال : فذلك على سبيل المجاز ، قال : وقد نسب تعالى إلى الجمادات والأعراض أفعالا على سبيل المجاز كقوله تعالى : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) [الزلزلة : ٢] وقوله : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ) [النحل : ٢٦] ، وقوله : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ، وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) [الليل : ١ ، ٢] ، وقوله : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ) [الأنعام : ٧٦] ، وقوله : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) [الانشقاق : ١] و (إِذَا