هذا فعلي بدلالة العقل لصار هجنة للناس ؛ لأنا نقول أما الصوت والحركة فلك ، وأما هذا المتقطع تقطيعا مخصوصا فهو كلام الله ، تحرم على الجنب تلاوته ، ولا تصح الصلاة إلا ببعض منه ، وهو معلوم في القلوب ، موجود في الألواح ، والمصحف بين أظهرنا إلى انقطاع التكليف ، حجة لنا وعلينا ، ويحول وينتقل بانتقال محله ، إن رفعنا به أصواتنا فمحله الهواء ، وإن كتبناه فمحله المصحف ، وإن أخطرناه ببالنا فمحله القلوب ؛ وعلمنا به على هذه الحال مقتضى دلالة العقل ، والعرف والشرع عاضدات لدلالة العقل في ذلك ، ولو كان التقطيع المخصوص مقدورا لأحدنا لأمكنه معارضة القرآن ، فلما لم يمكنه علمنا أنه معنى غير الصوت والحركة ، هذا ما اتفق على وجه المبادرة.
المسألة الثانية [الأمل على التجويز وعلى القطع]
من كان يؤمل أن يعيش غدا فهو مؤمل أن يعيش أبدا ، ومن كان يأمل أن يعيش أبدا يقسو قلبه ، وكان عليهالسلام يجيش الجيوش وكذلك الأئمة من ولده.
الجواب عن ذلك : أن يكون الأمل على القطع دون التجويز ، وجميع العقلاء المستبصرين فضلا عن الأنبياء عليهمالسلام والأئمة والصالحين سلام الله عليهم لا يأملون ؛ فكيف بصفوة الله من خلقه ، وإنما يفعلون ما يفعلون مبادرة للموت ، واستكثارا من ثواب الله سبحانه لعلمهم أن الدنيا دار عمل ولا جزاء ، والآخرة دار جزاء ولا عمل ، فأما من تأمل قطعا قسا قلبه.