ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم وهي طريق الجنة للمؤمنين مستقيمة لا عوج فيها ولا تعب.
وأما قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) [المائدة : ٤١] ، فالمراد بذلك تنزيهها من حزن العذاب وغم الآلام لمجاهرتهم له بالمعاصي وذلك جائز واللائمة عليهم دونه تعالى.
وأما قوله تعالى : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) [هود : ٣٤] ، فمعناه : أن نصحي لكم لا يدفع عنكم عذاب ربي المستحق بعصيانكم لأنه تعالى لا يريد أن يعذب إلا المستحق ، وإن كان عذبكم بإغوائكم عن طريق الجنة في دار الآخرة فإن ذلك أكثر نقمة ، فأما مع بقاء التكليف فلو أراد غواهم عن الدين لكانت بعثة الرسل عبثا لأنه لا عوض في مقابلتها وذلك لا يجوز على الله سبحانه ، فتأمل ذلك موفقا.
مسألة [في أن الله لا يريد القبيح]
قال أرشده الله : قالت الزيدية : إن الله تعالى لا يريد المعاصي ولا يشأها ولا يرضاها ، بل يكون في ملكه ما لا يشاء. قال : فيكون عزوجل بمقتضى قولهم عاجزا ، وقد نطق القرآن بخلاف ما ذكروه. قال : بقوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) [يونس : ٩٩] ، (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ) [الأنعام : ١٣٧] ، (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا) [الأنعام : ١٠٧] ، (وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا) [الأعراف : ٨٩] ، وكذلك يبطل قولهم ما ورد عن زين العابدين علي بن الحسين عليهماالسلام قال : إنه لقي قدريا. فقال له : إنكم تنسبون إلى الله ما لا يرضى من القبيح يا قوم جل ربنا من الفحشاء. فقال له علي بن الحسين : وتعالى أن يكون في ملكه ما لا يشاء. فقال القدري : أفيحب ربنا أن يعصى؟ قال : فقال له