علي بن الحسين : أفيعصى ربنا قهرا؟ قال : فقال له القدري : أفرأيت إن قضى علي بالرديء ، ومنعني الهدى ، أحسن إليّ أم أساء؟ فقال له علي بن الحسين : إن منعك شيئا هو لك ، فقد أساء وظلمك ، وإن منعك شيئا هو له ، فالفضل له يختص برحمته من يشاء. قال : فاسترجع القدري وقال : أشهد أنكم أهل البيت أهل الحكمة وفصل الخطاب.
الجواب عن ذلك : أن الزيدية بل العدلية جميعا تنفي عن الله عزوجل ما لا يليق بحكمته وعدله من إرادة القبيح وكراهة الحسن وأنه لا يريد الظلم ، كما قال : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) [غافر : ٣١] ، (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) [الزمر : ٧] ، كما قال : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) [الزمر : ٧] ، ولا يحب الفساد كما قال تعالى : (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [المائدة : ٦٤] ، وهذا مذهبهم ، والدليل على صحته أن الرضى والمحبة راجعان إلى الإرادة ، وإرادة القبيح قبيحه ، والله تعالى لا يفعل القبيح ، أما أن الرضا والمحبة راجعان إلى الإرادة فلأنه ، لا يجوز أن تقول : أرضى هذا ولا أحبه ، ولا أرضاه وأريده ، ولا أريده وأرضاه ، فدل على أن معنى هذه الألفاظ واحد لأن هذا أمارة الاتفاق ، كما تقول في الجلوس والقعود لما كان معناهما واحدا لم يجز أن تقول : جلس وما قعد ، ولا تقول : قعد وما جلس ، بل يعد من قال ذلك مناقضا جاريا مجرى قوله : قعد وما قعد.
وأما أن إرادة القبيح قبيحة فلأنه قد ثبت أن الإنسان منا إذا قال : إني أريد جميع ما يحدث في البلد من فساد وظلم وسكر فإنه مستحق الذم من العقلاء ، وهم لا يذمون إلا على أمر قد تقرر في العقول قبحه ، فإن كان مالك الأمر ولم ينكر ولم يكره كان ذلك أقبح ، فإذا كان هذا في الواحد منا فكيف يضاف ذلك إلى الملك الكبير ، العدل ، العزيز الحكيم.