وأما الميزان فقسطاس يوزن به الحق والباطل فيتضح الراجح من الشائل فتعظم لذلك حسرة المجرمين وتتعاظم مسرة المسلمين.
فإن قيل : وما الموزون؟ والأعمال أعراض لا يصح وزنها.
قلت : الموزون إنما توزن صحائف الأعمال كما روينا عن النبي المفضال صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «يؤتى بطوامير كأمثال الجبال ويؤتى بصحيفة توازي إصبعين فتوضع تلك الطوامير في كفة وتلك الصحيفة في كفة فترجح بها الصحيفة التي توازي إصبعين ، فقيل : يا رسول الله ما فيها؟ قال : فيها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، وآيات القرآن مصرحة بالوزن يوم القيامة وثقل الموازين وخفتها فلا وجه لصرفه عن الظاهر لغير موجب لأن الواجب اتباع ظاهر كتاب الله سبحانه وسنة نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا ما منع منه الدليل وقد قيل : إنه العدل ، وما قلنا هو الأولى عندنا لمطابقة السنة للكتاب فيه.
المسألة الرابعة في عذاب القبر [٤٨٢]
الجواب عن ذلك : أن المخالف في عذاب القبر من العدلية هم البغدادية ومن طابقهم ، ومذهبنا أن عذاب القبر صحيح ، والدليل عليه السمع الشريف والآثار الزكية قال تعالى : (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) [غافر : ١١] ، والموت الحقيقي لا يكون إلا بعد حياة حقيقية فماتوا في الدنيا وحيوا في القبر وماتوا في القبر وحيوا في البعث ، وقال تعالى في آل فرعون : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) [غافر : ٤٦] ، وقال تعالى في قوم نوح : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) [نوح : ٢٥].