ووجه الاستدلال بهاتين الآيتين أن الله سبحانه صرح بأن آل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا ولا وجه لقول من يقول : تعرض الأرواح ؛ لأنها لا تخلو إما أن تعقل أو لا تعقل ، فإن عقلت كانت مكلفا آخر ، وإن لم تعقل فلا وجه للعرض فلم يبق إلا أن يعرض المكلف العاقب.
ووجه الاستدلال في آية قوم نوح أنه تعالى عقب الغرق بدخول النار وليس ذلك إلا عذاب القبر ، فإن كان المعذب غير مقبور لأن أكثر الموتى يقبر فجعل الكلام في عذاب القبر الأعم والأكثر وإلا فلا فرق بين أن يكون مقبورا أو غير مقبور ، وفي الحديث عن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن الميت يقعد في قبره وترد إليه روحه ويأتيه ملكان من صفتهما كذا وكذا فيقولان له : ما دينك؟ ومن ربك؟ وما كنت تعبد؟ فإن كان شقيا قال : لا أدري ، فيقولان : لا دريت يا عدو الله ولا تليت ، ثم يضربانه بمقامعهما من صفتها كذا وكذا ، ثم يفتحان له بابا إلى الجنة فيهش إليهما فيضربانه ويقولان : يا عدو الله لو أتيت على غير ما أتيت لكان إلى هذه مصيرك ، ثم يفتحان له بابا إلى النار فيصد عنها فيضربانه ويقولان : يا عدو الله أما إذا أتيت على ما أتيت فإلى هذه مصيرك» قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فو الذي نفسي بيده إنه ليصل إلى قلبه حسرة لا ترتد أبدا ، وإن كان سعيدا قالا له بعد رجوع الروح فيه : من ربك؟ وما دينك؟ وما كنت تعبد؟ فيقول : ربي الله وديني الإسلام ، وكنت أعبد الله وحده لا شريك له ، فيفتحان له بابا إلى النار فيصد عنها ويقولان له : يا ولي [٤٨٣] الله أما إذا أتيت على غير ما أتيت لكان إلى هذه مصيرك ، ثم يفتحان له بابا إلى الجنة فيهش إليها فيقولان : يا ولي الله أما إذا أتيت على ما أتيت فإلى هذه مصيرك ، ثم يقولان له : نم نومة العروس غير المؤرق» قال : «فو الذي نفسي بيده إنه ليصل إلى قلبه فرحة لا