المسألة الثانية [في العتق]
في رجل له ثلاثة عبيد فقال : إني أعتقت واحد من عبيدي هؤلاء. فقالوا : فعين المعتق من هو هذا ، بل هذا ، بل هذا ، ثم وقف على الآخر منهم. ما الحكم فيهم؟ وهل فرق بين أن يكون أحدهم قد ادعى أنه المعتق أم لا؟
الجواب عن ذلك : أن قول السيد هو هذا بل هذا إضراب عن الأول وإثبات للثاني ، فهو بمنزلة الاستثناء من النفي بالإثبات ، ولا فرق عندنا بين أن يكون أحدهم قد ادعى العتق لأن تصديق المدعي يتنزل منزلة الإقرار ، فإذا استثنى في الإقرار صحّ الاستثناء ، ويصح فيه العطف والإضراب ، إذ هذا من صحيح ما تعتمده العرب في لسانها ، وحمل كلامهم على الوجه الصحيح في لسانهم أولى ، فإن استقر على مدعي العتق أو لم يستثنه ولم يضرب عنه فإن صحت دعواه وإلا لم يثبت إلا بالبينة كما في سائر الدعاوي.
المسألة الثالثة [في الشفعة]
في رجل اشترى أرضا للغير فيها شفعة فقال : المشتري اشتريتها بمائة. فشفع الشفيع ، وأخذ المبيع ، ودفع على مائة وخمسين فأقام البينة على ذلك هل يلزم الشفيع أم لا؟
الجواب عن ذلك : أن على الشفيع ما ادعى المشفع إن صدقه ، ولا شيء عليه سوى ذلك إلا ما قامت به البينة ؛ ودعوى البائع إنما هي توجه على المشتري منه الأول الذي قام عليه الشفيع ، وإذا أقام البينة كانت الدعوى متوجهة على المشتري منه دون الشفيع ولم يكن على الشفيع إلا ما ادعاه عليه المشفع إن صدقه أو قامت به البينة إن ناكره.