وأما الملاحدة فلهم في ذلك كلام ليس هذا موضع ذكره ، فإن أراد المطرفي المزيد بقوله الجماد ينفع على معنى أنه فعل النفع فذلك باطل لأن الجماد ليس بحي ولا قادر ، والفعل لا يصح إلا من حي قادر ، ولو أدلك لبطلت دلالة إثبات الصانع وذلك لا يجوز ، وإن أراد به ينفع على معنى أن الله سبحانه جعل الجماد محلا للنفع وجعله سببا اعتياديا فيه وكذلك الضر ، والله هو النافع الضار ، فذلك مذهب المسلمين الذي خالفوا به الكفار ، والله سبحانه قد ذم الكفار بعبادتهم ما لا ينفعهم ولا يضرهم ، فلو فهموا مذهب المطرفية فقالوا إن الجماد ينفعنا ويضرنا فقد كانت حنيفة عملت صنما من حيس فلما ضربت الأزمة أكلوه ، فهجتهم العرب ، فقال شاعرهم :
أكلت حنيفة ربها |
|
زمن التهجم والمجاعة |
أحنيف هلا إذ جهلت |
|
فعلت ما فعلت خزاعة |
جعلوه من حجر أصم |
|
وكلفوا العرب اتباعه |
فلو عرفوا هذا المذهب الفاسد لقالوا : إن إلههم نافع لأنه من المأكولات ونفوا نفع المأكولات عن الله.
والمطرفية كما ترى أقبح اعتقادا من الكفار الأولين ؛ لأنهم لم ينكروا الإلزام فالنفع يضاف إلى الجماد لأنه مؤد إليه وحاصل عقيب تناوله ويضاف إلى الله لأنه فاعله ، فاعلم ذلك موفقا.
المسألة الحادية عشر [في القرآن]
قال : القرآن في قلب الملك الأعلى واحتج بكلام الهادي أنه إلهام كإلهام النحلة ، قال : وإذا كان القرآن كلام الإنسان فقد بطل لأن كلامه لا يبقى ، وإذا نسخ القرآن هل وجد في الأول أم لا؟ فكما أن هذا حكاية قال : وليس